سابق الروم صهيب الرومي

إنه الصحابي الجليل صهيب بن سنان الرومى،
وقد كان صهيب في بداية حياته غلامًا صغيرًا
يعيش في العراق في قصر
أبيه الذي ولاه كسرى ملك الفرس





حاكمًا على الأُبُلَّة (إحدى بلاد العراق)،
وكان من نسل أولاد النمر بن قاسط من العرب،
وقد هاجروا إلى العراق منذ زمنٍ بعيد،
وعاش سعيدًا ينعم بثراء أبيه وغناه عدة سنوات.
وذات يوم،
أغار الروم على الأبلة بلد أبيه،
فأسروا أهلها،
وأخذوه عبدًا،
وعاش العبد العربي وسط الروم،
فتعلم لغتهم،
ونشأ على طباعهم،
ثم باعه سيده لرجل من مكة يدعى عبد الله بن جدعان،
فتعلم من سيده الجديد فنون التجارة،
حتى أصبح ماهرًا فيها،
ولما رأى عبد الله بن جدعان منه الشجاعة والذكاء والإخلاص في العمل،
أنعم عليه فأعتقه.
وعندما أشرقت في مكة شمس الإسلام،
كان صهيب ممن أسرع لتلبية نداء الحق،
فذهب إلى دار الأرقم،
وأعلن إسلامه أمام رسول الله صلى الله عليه و سلم،
ولم يَسْلَم صهيب من تعذيب مشركي مكة،
فتحمل ذلك في صبر وجلد
ابتغاء مرضاة الله وحبًّا لرسوله صلى الله عليه و سلم،
وهاجر النبي صلى الله عليه و سلم بعد أصحابه إلى المدينة،
ولم يكن صهيب قد هاجر بعد،
فخرج ليلحق بهم،
فتعرض له أهل مكة يمنعونه من الهجرة؛
لأنهم رأوا أن ثراء صهيب ليس من حقه،
لأنه جاء إلى بلادهم حينما كان عبدًا فقيرًا،
فلا يحق له أنه يخرج من بلادهم بماله وثرائه،
وصغر المال في عين صهيب،
وهان عليه كل ما يملك في سبيل الحفاظ على دينه،
فساومهم على أن يتركوه،
ويأخذوا ماله،
ثم أخبرهم بمكان المال،
وقد صدقهم في ذلك،
فهو لا يعرف الكذب أو الخيانة.
وكان صهيب تاجرًا ذكيًّا،
فتاجر بماله ونفسه في سبيل مرضاة ربه،
فربح بيعه، وعظم أجره،
واستحق أن يكون أول ثمار الروم في الإسلام،
واستحقَّ ما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال:
" صهيب سابق الروم ". [ابن سعد].
وشارك صُهيب في جميع غزوات الرسول صلى الله عليه و سلم ،
فها هو ذا يقول:
(لم يشهد رسول الله صلى الله عليه و سلم مشهدًا قط إلا كنت حاضره
ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضرها،
ولم يسر سرية قط إلا كنت حاضرها،
ولا غزا غزوة قط إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله،
وما خافوا أمامهم قط إلا كنت أمامهم،
ولا ما وراءهم إلا كنت وراءهم،
وما جعلت رسول الله صلى الله عليه و سلم بيني وبين العدو قط حتى تُوُفِّي).

وواصل جهاده مع الصديق ثم مع الفاروق عمر رضي الله عنهما،