السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تذكـُر الموت وساعة الإحتضار
أخي في الله : إن من الأمور المساعدة على اغتنام المرء لوقته
أن يكثرمن ذكر الموت في قلبه ولسانه وتفكيره ، وذلك أن الموت هوالنهاية الحتمية
لكل مخلوق ، وهو الفاصل ما بين دار الدنيا ودار البرزخ ، فإذا غلب ذكر الموت على قلب
الإنسان ، وتعلقت همته بالآخرة ، صار من المسابقين إلى الخيرات والباقيات الصالحات ،
وإذا غفل القلب عن ذكر الموت ، ونسي الرحيل عن هذه الدنيا ، قسا وفسد وتكاسل
عن الطاعات ، ولهذا قال سعيد بن جبير رحمه الله : " لو فارق ذكر الموت قلبي لخشيت
أن يفسد علي قلبي " [نقلا من كتاب حلية الأولياءلأبي نعيم الأصبهاني].
ثم تذكر رعاك الله " ساعة الاحتضار"
تلك الساعة الرهيبة التي ستمر على كل إنسان منا ، والتي سيعاني كل منا فيها من
سكرات الموت وشدائده وكرباته ، فما أشدها من لحظات ؟ !! وما أقساها من زفرات
وآهات تلك التي تصدر من المحتضر في تلك الساعة ؟!! فماذا أعددت لها من زاد ؟ !! .
ثم تأمل وفقك الله ، كيف أن المرء في تلك اللحظات الرهيبة
يمر أمامه شريط حياته كلها !! وتدبر كيف أنه في ذلك الموقف العصيب سيندم ويتحسر
على كل دقيقة بل على كل لحظة من عمره قضاها في غير طاعة الله !! بل والله لو
استطاع أن يبكي الدم بدل الدموع ، وأن يصرخ بما في داخله من الحسرة والندم على
أيامه التي ضاعت في غير طاعة ربه ومولاه لفعل !! ولكن شدائد الموت وكرباته قد
أخرست لسانه ، وأوهنت جسمه وقواه ، فلم يعد يملك إلا الزفرات والآهات المليئة حرقة
وندماً على مافات من العمر في غير مرضاة الله عز وجل ، ووسط هذه الأجواء الرهيبة لا
يتمنى المحتضر إلا أمنية واحدة ، وهي أن يرجع إلى الدنيا ولو ساعة واحدة ؛ ليزداد
من الباقيات الصالحات وليعوض أياماً انقضت في غير طاعة الله ! فهل يـُجاب إلى تلك
الأمنية؟ استمع إلى الرب جل جلاله حين يقول { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب
ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت <> كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ
إلى يوم يـُبعثون } سورة المؤمنون الآيتان <100/99> ، نعم هيهات ثم هيهات أن
تتحقق هذه الأمنية !! لقد مضى وقت العمل وحان وقت الحساب والجزاء !! فيا أخا
الإسلام : ماذا أعددت لذلك المصرع العصيب ؟! وماذا قدمت لتلك اللحظات الرهيبة التي
ستمر عليك ولا بد ؟! أكسلاً وغفلةً وإضاعةً للأوقات ؟! فبئست البضاعة تلك !! أم
مسابقةً إلى الصالحات واغتناماً للأوقات؟! فنعمت البضاعة تلك !! .
*واستمع إلى "ابن الجوزي " رحمه الله وهو يـُخاطبك فيقول : " يا مَـنْ أيام عمره في
حياته معدودة ، وجسمه بعد مماته مع دودة ، رأيتك في النقص مـُذ أنت في المهد ،
تــُـقربك الساعات من ساعة اللحد ، يا مَـنْ عمره يمضي بالساعة والساعة ، يا كثير
التفريط في قليل البضاعة ،..."نقلا عن كتاب المدهش لابن الجوزي .
فيا أخي : هل وعيت الخطاب ؟!! وهل عرفت الخطأ من
الصواب ؟!! .
اللهم لاتحرمنا بذنوبنا فضلك ورحمتك وسترك وعفوك ، يا أكرم من
سئل وأجود من أعطى أنت أهل التقوى وأهل المغفرة .
المصدر / كتاب طريقة لحفظ الوقت
بقلم أخونا في الله : أبي القعقاع : محمد بن صالح بن إسحاق
دمتم بحفظ الله ورعايته
مواقع النشر (المفضلة)