إن الله “تعالى” هو “الخافض الرافع” فهو الذي يخفض المتكبرين والجبارين بطردهم من رحمته، وإذا أراد الله أن يخفض من شأن مخلوق فلا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، ولا يمكن أن يرفعه أو يعلي من شأنه أحد، وعندما يحط الله من قدر أحد فإن ذلك يكون نتيجة لظلم هذا المخلوق وتجبره، فقد رفع الله من شأن إبليس وأعلى من قدره، ولكنه عندما أمره بالسجود لآدم استكبر وعصى وقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، وبسبب كبريائه واستكباره وعصيانه خفض الله من شأنه وطرده من رحمته. لقد ظن إبليس أن مكانته السابقة عند الله كانت بسبب عنصر تكوينه، فاحتقر آدم المخلوق من الطين فلقنه الله درساً لا ينساه، فقد كانت مكانته بسبب عبادته وطاعته، أما خفضه وطرده من رحمة الله واذلاله فكانت بسبب كبريائه وعدم طاعته.
وقد أذل الله مشركي مكة وخفض من منزلتهم بعد أن كانوا كبراء وسادة، وذلك بسبب كبرهم وكفرهم وعصيانهم فقد عرض عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم الإيمان بالله لكي يرفع أقدارهم ويعلي مكانتهم، فرفضوا وأبوا فخفضهم الله، ولذلك فإن الله يخفض مكانة الكافرين ويرفع مكانة المؤمنين سواء أكان ذلك في الدنيا أو في الآخرة، فقد ذكر الله “تعالى” أن يوم القيامة هو يوم الفصل، حيث يرفع الله أقواماً ويخفض آخرين، وذلك حسب ما يقدمه كل امرئ من عمل، قال “تعالى”: “إذا وقعت الواقعة، ليس لوقعتها كاذبة، خافضة رافعة”. (الواقعة: 1 -3).
وقد أمر الله المؤمنين بأن يخفضوا اجنحتهم بعضهم لبعض، بمعنى أن يتراحموا ويتعاطفوا ويتوادوا ويتسامحوا فيما بينهم، وأمر الله المسلم أن يخفض جناحه على الأخص لوالديه، وذلك اعترافاً بما قاما به نحوه من رعاية وتربية وعناء، قال “تعالى”: “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا”، (الإسراء: ،23 24).
ويقترن باسمه “تعالى”، “الخافض” اسمه “الرافع” ومعناه أن الله “تعالى” يرفع أولياءه بالطاعة ويعلي منزلتهم بالعمل الصالح، ومن كتب له الله رفعة الشأن وعلو المكانة فلا يمكن لإنسان أن يحط من شأنه أو يخفض من مكانته، لأن “الخافض الرافع” هو الله.
مواقع النشر (المفضلة)