إلى طلاب ستار أكاديمي الأعزاء،
أنا طالب أكاديمية مثلكم، لست من الغرب إنما من فلسطين، وبعد أن تابعتكم بشغف وتعرفت عليكم حتى العمق على مدار الشهور القليلة الماضية انتابني شعور بالواجب أن أكتب إليكم لتبادل الخبرة والتجربة، وأيضاً لا تضر بعض المقارنة.
فنحن ننهض من النوم في ساعة محددة، نُمارس الرياضة الصباحية في ساحة مغلقة، نأكل ونتعلم بشكل جماعي وحسب قوانين صارمة فُرضت علينا مسبقاً... مثلكم. وهناك كاميرات مزروعة في كل زاوية لمتابعة حركتنا على مدار اللحظة، أيضاً مثل تلك التي لديكم، نُدخن ونأكل أقل منكم، ونرتب أسرتنا ونُنظف الصحون تماماً مثلكم.
ومع ذلك تبقى بعض الاختلافات البسيطة في التفاصيل والتي نود إطلاعكم عليها.
أنتم حكمتم على أنفسكم بالبقاء أربعة شهور على الأكثر، بينما نحن محكومون في هذه الأكاديميات منذ سنين طويلة، ومعظمنا لا يعرف متى سيخرج عائداً إلى أهله وأصدقاءه، بعد عام، عشرة أو إلى ما لا نهاية.
أنتم متمركزين في أكاديمية واحدة، بينما نحن موزعين على عدة أكاديميات: أكاديمية "شطة" و "الجلمة" بالشمال، "الرملة" و "هداريم" و "التلموند" في الوسط، "عسقلان" و "السبع" و "نفحة" في الجنوب.
وبالقدر الذي تكرهون أن يكون أحدكم "نومنيه" فإننا نتمنى ذلك، ونفرح عند خروج أحدنا ونحسده ولا نتمنى عودته.
وبدلاً من "الفوكالز"، تعودت حناجرنا على النشيد والتكبير الذي يعقبه رش الغاز ليستقر في حناجرنا وصدورنا.
الحدث الأبرز عندكم "ابرايم" يوم الجمعة، أما عندنا فكل الأيام متشابهة، خصوصاً بعد انقطاع زيارات الأهل منذ فترة طويلة. فبينما يستطيع أقاربكم وأصدقاؤكم ركوب الطائرات وقطع الأجواء والبحار لزيارتكم، لا يستطيع أهلنا وأصدقاءنا عبور جدار الفصل العنصري أو حتى حاجز عسكري صغير لأشهر ولسنوات.
أنتم تحتفلون "بالفالنتاين"، ونحن نحتفل بيوم الأسير، صحيح أن احتفالكم أكبر وجمهوره أوسع وشهرته أكثر، أما نحن فجمهورنا حاضرٌ في الذاكرة لا على المسرح.
يقوم بزيارتكم الفنانون بينما يزورنا المحامون والصليب الأحمر. عندكم زعيم وعندنا ممثل معتقل، عندكم (Five Top) وعندنا لجنة حوار. قد تُمنعون من الاتصال بالأهل أو استلام الرسائل والهدايا كإجراء عقابي، أما نحن فممنوعون منها دون عقاب، ونُعاقب بأن نُمنع من مشاهدة التلفاز أو استخدام الأدوات الكهربائية... وقد يمتد العقاب لعدة أسابيع في زنزانة معتمة لا تتسع لشخص واحد.
تقومون بتخفيف الوزن بواسطة الرجيم ونحن نقوم بذلك عن طريق الإضراب المفتوح عن الطعام.
عندما نخرج من الأكاديميات، يكون ذلك إلى المحكمة العسكرية ليعود الواحد منا محملاً بعشرات السنين التي ستتسبب حتماً في تغيير "اللوك"، أو إلى المستشفيات لنعود محملين بالألم.
إن كانت أكاديميتكم برعاية "نسكافيه" والـ LBC فإن أكاديميتنا برعاية إدارة السجون و"الشاباك" والشرطة وكل أجهزة القمع التي لا تبخل علينا بكل جديد في مجال الأبحاث النفسية والعقوبات الجسدية وتطبيقها بمناسبة وبدون مناسبة.
تزعجكم الوحدة والملل وتناقص عددكم، بينما يقتلنا الاكتظاظ وتزايد أعدادنا التي أصبحت بالآلاف.
نحرص مثلكم على تعلم اللغات إلا أننا نتعلم الفرنسية من غير معلم والإنكليزية من غير معلم والعربية بعشرين معلم، هذا بالإضافة إلى اللغة العبرية عملاً بمبدأ "اعرف عدوك".
إنتوا لمين بتغنوا، وإحنا لمين بنضحي
إنتوا بتغنوا إلنا وإحنا بنضحي إلكم
تصلكم رسائل SMS ونحن نرسل نداءات SOS
أنتم تُوقعون أسماءكم للمعجبين والمعجبات، بينما نحن نُوقع أسماءنا على ورقة الأمانات وعلى الجدران، ليتعرف علينا القادمين من بعدنا.
هذا غيض من فيض، حيث هنالك الكثير من الأمور التي لم أُحدثكم عنها، ولن أُنهي رسالتي قبل أن أُطلعكم على بعض الأخبار والمستجدات، حيث سارع الكيان الصهيوني من وتيرة بناء جدار الفصل العنصري الذي قطَّع أوصال الوطن، وسقوط المزيد من الشهداء، وتبادل الأسرى بين الكيان الصهيوني وحزب الله، أما نحن فلم نتخرج بعد من أكاديميتنا.
تحياتي كلمات اسير في سجن عسقلان في فلسطين
مواقع النشر (المفضلة)