سؤال يدور دائما في بالي
** كيف نقيس المسافة بين الصبر والانتظار ؟!
هل ثمة من مسافة أصلا بينهما ، أم أن الصبر هو نفسه الانتظار ، أم أن الانتظار هو درجة من درجات الصبر ، فمن لديه طاقة على أمر قد يطول ،هو نفسه الإنسان الصبور أو المستعد لأن يكون صبوراً أم أن لصبر شئ والانتظار شئ آخر ؟!
** بداية علينا أن نقول عندما نتحدث عن الصبر هنا ، فإننا لا نعني به الخنوع أو الاستكانة أو التسليم بالأمر الواقع ، وإنما نعني به القوة والقدرة على التحمل ورباطة الجأش التي قد تبلغ مبلغ الشجاعة لذا فإن ما يتبادر إلى الذهن فوراً من أن الصبر هو دلالة التسليم بما حدث ودلالة فقدان الأمل والركون إلى القنوط ليس دقيقاً.
أن اللبس المحيط بالعلاقة بين الصبر والانتظار يحيل إلى حقيقة أن الانتظار يعني الأمل ، يعني الرجاء ، يعني ترقب حدث سعيد في الانتظار شئ من اللهفة من الشوق من الحرقة ، أما الصبر ففيه شئ من السكون ، شئ من التآلف مع حقيقة أن الأمل مؤجل.
** ليس الصبر هو الانتظار يمكن لإنسان صبور أختبر في الحياة وجٌرب ، فأبدى من رباطة الجأش وقوة الأعصاب الكثير أن تنهار أعصابه في لحظة انتظار ، في برهة انتظار ، يمكن أن يبلغ شد قوس الانتظار عنده حده الأقصى فيكاد أن ينكسر يمكن لانتظار مكالمة تأخرت أن طائرة لم تأت في موعدها ، أو موعد لقاء تعثر أن يضع الصبور على محك الاختبار ،فيكشف أن رباطة جاشه أو قدته على التحمل منذورة للأشياء الكبرى ، لا للأشياء الصغرى.
**لكن ما الأشياء الكبرى وما الأشياء الصغرى ما المعيار الذي على أساسه نجعل من الشئ كبيراً أو صغيراً ؟! جرت العادة أن نقسم الأمور على أساس إن ما هو عام ، خارج روح الإنسان هو الشئ الكبير ، أما الشئ الصغير فهو ما يتصل بعالمنا الروحي ، بدوا خلنا وهذه قسمة غير عادلة ، لأن علمنا الروحي هو الذي يشكل سماءنا ، يشكل الطريقة التي بها نحيا ، والتي بها نهوى
** أيكون هذا التقسيم هو أساس التقسيم بين الصبر والانتظار أيكون الصبر على أعباء الحياة ومشاقها ، ويكون الانتظار رديف ترقب الأشياء الحلوة ، موعد اللقاء الحميم ، الرسالة المسافرة بين مطارين أو مدينتين ، الهاتف الليلي أو الصباحي ؟!
ربما ! ساعتها سنفهم لماذا يكون الانتظار مضنياً ومعذبا ولماذا يكون في أحيان أخرى جميلاً وعذباً وباعثاً على الفرح من منا لا يذكر تلك الحال من البهجة التي تسبق لقاء انتظره طويلاً لماذا يزداد خفقان القلب مع اقتراب موعد اللقاء وتشب براعم الروح خضراء يانعة ؟ لماذا نشعر بأننا والوقت في سباق ؟ وكأننا نعدو لنسابق الزمن كأن رغبتنا الدفينة هي أن نقفز عليه ، أن نكون خارج الزمن
حينها نمتحن مقدرتنا على الصبر فتبدو صفراً..إننا لا نصبر ، إن صبرنا ينفد ودرجة نفاد الصبر هي مقياس لدرجة اشتعال القلب !.....ِ
مواقع النشر (المفضلة)