أحبها قاسم من كل قلبه، فهي ابنة الجيران وحبيبة الطفولة والصبا والمراهقة والشباب. أحبها منذ كانت في العاشرة من عمرها، واستحوذت على قلبه وكل كيانه فلم يعد يرى في الحياة سواها، وبات عاجزا عن فعل أي شيء سوى تحقيق حلمه بالزواج منها والفوز بها من دون كل شباب الفريج المتيم بجمالها، حتى واجباته المدرسية ودروسه لم يهتم بها، أهمل كل ذلك من اجل عينيها، وصار شغله الشاغل مراقبة شرفتها وباب منزلها علها تطل من الشرفة أو تخرج من باب المنزل فيكحل عينيه برؤيتها.
مرت السنوات وقاسم يتلوع في حب ابنة الجيران حتى نجح في لفت انتباهها اليه.
وكانت سعادته لا توصف عندما شعر انها تبادله الحب من خلال نظراتها الملتهبة التي توجهها إليه من آن الى آخر، فتشعل نار الحب بداخله أكثر وأكثر.
وتسبب حب ابنة الجيران في طرد قاسم من المدرسة بسبب هروبه المستمر من المدرسة ليلحق بمحبوبته ويكون في انتظارها وقت خروجها من مدرستها، على أمل ان يلتقط منها بعض الكلمات أو النظرات التي تشبع جوعه العاطفي الذي لازمه طوال تلك السنوات الطويلة.
لم يكن الطرد من المدرسة نهاية العالم بالنسبة الى قاسم، فقد مل الاستذكار والاستيقاظ مبكرا والانتظام في المدرسة، فقرر والده الحاقه بوظيفة كتابية متواضعة بدلا من بقائه في المنزل وكسله الدائم، تسلم قاسم وظيفته وكان شديد الفرح بها لأنه اصبح يستطيع مفاتحة والده في أمر طلب يد ابنة الجيران، ليحقق حلم حياته بالفوز بها. الحلم الذي راوده سنوات طويلة تحدث قاسم مع والده في الأمر فوافقه على الفور لأن الفتاة من عائلة طيبة تتمتع بسمعة جيدة، بالاضافة الى ان الأسرتين تربطهما علاقة جيرة وطيدة.
وذهبت والدة قاسم لخطبة الفتاة من أهلها، فوافقوا وتمت الخطبة وحدد موعد لعقد القران. لكن ساءت ظروف قاسم بعد طرده من وظيفته لعدم التزامه بمواعيد العمل وعدم انضباطه، وبات عاطلا عن العمل.
وعندما طال بحث قاسم عن وظيفة من دون جدوى لم تتحمل أسرة الفتاة هذا الانتظار الطويل، فبدأت الفتاة بتهديد قاسم بفسخ الخطبة لأنه أصبح غير قادر على اتمام زواجه بها.
وقتها طار عقل قاسم المتيم بحب خطيبته ولم يتحمل تهديدها له بفسخ الخطبة وحرمانه منها.
فكر طويلا وسهر الليالي ليبحث عن حل يخرجه من تلك الأزمة ويعجل بزواجه من محبوبته قبل ان تفسخ اسرتها الخطبة، ولاحت في خاطره فكرة شيطانية. فقد كان له صديق يتيم يعيش مع جدته العجوز الثرية. وكان يعلم من صديقه انها تحتفظ بمصوغات ذهبية وماسية كثيرة في خزانة ملابسها ففكر في سرقتها.
خطط قاسم وتفوق على الشيطان في تخطيطه، ونجح في اقتحام منزل العجوز ليلا، وبخفة شديدة دخل غرفة نومها وفتح خزانة ملابسها وعثر بالفعل على الصندوق الذي يحتوي على المصوغات، وعندما هم بالخروج من غرفتها أحست به وصرخت مستغيثة بالخدم في المنزل، فباغتها قاسم بضربة قوية بالصندوق الخشبي الذي يحتوي على مصوغاتها فوقعت مضرجة بدمائها، لكن أثناء خروجه من المنزل وجد في انتظاره احد الجيران الذي استيقظ على استغاثة السيدة العجوز والخدم، فاحتجزه لحين وصول رجال الشرطة للقبض عليه.
قدم قاسم للمحاكمة بتهمة دخول مسكن وسرقة باستخدام العنف والشروع في القتل، حيث أصدرت المحكمة عليه حكما بالسجن سبعة أعوام مع الشغل والنفاذ.
اما السيدة العجوز فلم تكن اصابتها كبيرة ونجت من محاولة قتل قاسم لها.