أبو نواس
[poem=font="simplified arabic,6,orange,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/3.gif" border="none,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وَفِتيَـةٍ كَمَصابيـحِ الـدُجـى غُــرَرٍ = شُمِّ الأُنوفِ مِـنَ الصيـدِ المَصاليـتِ
صالوا عَلى الدَهرِ بِاللَهوِ الَّذي وَصَلـوا = فَلَـيـسَ حَبلُـهُـمُ مِـنـهُ بِمَبـتـوتِ
دارَ الزَمـانُ بِأَفـلاكِ السُعـودِ لَـهُـم = وَعاجَ يَحنـو عَلَيهِـم عاطِـفَ الليـتِ
نادَمتُهُـم قَرقَـفَ الإِسفَنـطِ صافِـيَـةً = مَشمولَةً سُبِيَـت مِـن خَمـرِ تِكريـتِ
مِنَ اللَواتـي خَطَبناهـا عَلـى عَجَـلٍ = لَمّـا عَجَجنـا بِـرَبّـاتِ الحَوانـيـتِ
فـي فَيلَـقٍ لِلدُجـى كَاليَـمِّ مُلتَـطِـمٍ = طامٍ يَحـارُ بِـهِ مِـن هَولِـهِ النوتـي
إِذا بِكافِـرَةٍ شَمطـاءَ قَــد بَــرَزَت = فـي زَيِّ مُختَـشِـعٍ لِـلَّـهِ زِمّـيـتِ
قالَت مَنِ القَـومُ قُلنـا مَـن عَرَفتِهُـمُ = مِن كُلِّ سَمحٍ بِفَـرطِ الجـودِ مَنعـوتِ
حَلّـوا بِـدارِكِ مُجتازيـنَ فَاِغتَنِـمـي = بَـذلَ الكِـرامِ وَقولـي كَيفَمـا شيـتِ
فَقَد ظَفِـرتِ بِصَفـوِ العَيـشِ غانِمَـةً = كَغُنـمِ داوُدَ مِـن أَسـلابِ جـالـوتِ
فَاِحيَـي بِريحِهِـم فـي ظِـلِّ مَكرُمَـةٍ = حَتّى إِذا اِرتَحَلوا عَـن دارِكُـم موتـي
قالَت فَعِندي الَّـذي تَبغـونَ فَاِنتَظِـروا = عِندَ الصَبـاحِ فَقُلنـا بَـل بِهـا إيتـي
هِيَ الصَبـاحُ تُحيـلُ اللَيـلَ صِفوَتُهـا = إِذا رَمَــت بِـشِـرارٍ كَاليَواقـيـتِ
رَميَ المَلائِكَـةِ الرُصّـادِ إِذ رَجَمَـت = في اللَيـلِ بِالنَجـمِ مُـرّادَ العَفاريـتِ
فَأَقبَلَـت كَضِيـاءِ الشَمـسِ نـازِعَـةً = في الكَأسِ مِن بَينِ دامي الخَصرِ مَنكوتِ
قُلنا لَها كَم لَها في الـدَنِّ مُـذ حُجِبَـت = قالَت قَدِ اِتُّخِـذَت مِـن عَهـدِ طالـوتِ
كانَت مُخَبَّأَةً فـي الـدَنِّ قَـد عَنَسَـت = في الأَرضِ مَدفونَةً في بَطـنِ تابـوتِ
فَقَـد أُتيتُـم بِهـا مِـن كُنـهِ مَعدِنِهـا = فَحاذِروا أَخذَها فـي الكَـأسِ بِالقـوتِ
تُهدي إِلى الشَربِ طيباً عِنـدَ نَكهَتِهـا = كَنَفـحِ مِسـكٍ فَتيـقِ الفـارِ مَفتـوتِ
كَأَنَّهـا بِـزُلالِ المُـزنِ إِذ مُـزِجَـت = شِبـاكُ دُرٍّ عَلـى ديـبـاجِ يـاقـوتِ
يُديرُهـا قَمَـرٌ فـي طَرفِـهِ حَــوَرٌ = كَأَنَّمـا اِشتُـقَّ مِنـهُ سِحـرُ هـاروتِ
وَعِندَنـا ضـارِبٌ يَشـدو فَيُطرِبُـنـا = يا دارَ هِنـدٍ بِـذاتِ الجِـزعِ حُيِّيـتِ
إِلَـيـهِ أَلحاظُـنـا تُثـنـى أَعِنَّتُـهـا = فَـلَـو تَـرانـا إِلَـيـهِ كَالمَباهـيـتِ
مِن أَهلِ هيتٍ سَخِـيِّ الجَـرمِ ذي أَدَبٍ = لَهُ أَقـولُ مِزاحـاً هـاتِ يـا هيتـي
فَيَنبَـري بِفَصيـحِ اللَحـنِ عَـن نَغَـمٍ = مُثَقَّـفـاتٍ فَصـيـحـاتٍ بِتَثـبـيـتِ
حَتّـى إِذا فَلَـكُ الأَوتــارِ دارَ بِـنـا = مَـعَ الطُبـولِ ظَلَلـنـا كَالسَبابـيـتِ
فُزنـا بِهـا فـي حَديـقـاتٍ مُلَفَّـفَـةٍ = بِالزَنـدِ وَالطَلـحِ وَالرُمّـانِ وَالتـوتِ
تُلهيـكَ أَطيارُهـا عَـن كُـلِّ مُلهِيَـةٍ = إِذا تَرَنَّـمَ فـي تَرجـيـعِ تَصـويـتِ
لَم يَنثَني اللَهوُ عَن غِشيـانِ مَورِدِهـا = وَلَـم أَكُـن عَـن دَواعيهـا بِصَمّيـتِ
حَتّـى إِذا الشَيـبُ فاجانـي بِطَلعَتِـهِ = أَقبِـح بِطَلعَـةِ شَيـبٍ غَيـرِ مَبخـوتِ
عِنـدَ الغَوانـي إِذا أَبصَـرنَ طَلعَتَـهُ = آذَنَ بِالصَـرمِ مِــن وِدٍّ وَتَشتـيـتِ
فَقَد نَدِمتُ عَلى ما كـانَ مِـن خَطَـلٍ = وَمِـن إِضاعَـةِ مَكتـوبِ المَواقـيـتِ
أَدعوكَ سُبحانَـكَ اللَهُـمَّ فَاِعـفُ كَمـا = عَفَوتَ يا ذا العُلى عَن صاحِبِ الحوتِ[/poem]
مواقع النشر (المفضلة)