تجمعهم الديار وتحيطهم المنازل، وتحاصرهم الأنفاس. أي جفاء امتلأت به قلوب البشر من المسلمين الذين ربط الله بينه وبينهم بصلة الرحم وعلقها بعرشه. أي أعباء للحياة التي أطبقت على وشائج المحبة فأعاقت ظهورها وسرورها أي ظروف وصروف تعبث بجوانح الصدور فتسلبها اللقاء بالآخرين - من الأقارب- لتمنحهم الود. الأخوة يشتكون هذه الغربة والآباء كذلك، والفروع يتذمرون! وإن اجتمعوا على إحدى عتبات الحياة فهم أيضاً يشتكون، يشتكون هذه الغربة في اللقاء.أجساد تلتقي وأرواح تتنافر، فتسقط أسماءٌ نُسيت، وتهوي أحداث مرت، وتتسمر وجوه لا تعرف بعضها البعض، ويلبس اللقاء رداء المجاملة المحفوف بالصمت المرتقب لخطوات العتاب واللوم و.. إن لم يكن صراخاً.
حقاً إنه غربة الأقرباء.
وها هم الناس ببعدهم هذا عن الأقرباء فصلتهم وودهم لا ينقطع عن الغرباء أو ليكونوا الأصدقاء ومعارف العمل، ولقاءات الأسواق ومقابلات أصحاب الحاجة. فالصلات هنا تتبارى مرة باللقاء وأخرى بالاتصال بأي وسيلة كانت. وفي المناسبات السعيدة هم الأولى والأقرب للمشاركة والانضمام لموائد الأفراح. وإن جدّ الجد فهم السباقون للفوز بكسب القبول والرضا، لا يتأخرون في منحهم أثمن ما لديهم وأعزه وإن كان للأقرباء فهو تضحية لا يستحقونها!
حقاً إنه قرب الغرباء
والله المستعان
مواقع النشر (المفضلة)