المعادن الأصيلة تدوم مهما كانت المتغيرات, والأشخاص أنفسهم يكونون أوفياء مهما تغيرت مواقعهم أو أوضاعهم. الوفاء ذلك الطبع الذي يخلق مع الإنسان, وربما يصعب اكتسابه. إشكالية الوفاء أنه لايكتشف في اللحظة الآنية, بل الوقت كفيل بإثباته, والوقت أيضا يكشف أحيانا زيف تلك الوعود والمظاهر الخادعة.
أشخاص تتغير أوضاعهم فيجحدون كل شيء يقطعون صلتهم مع ما قبل, على اعتبار أنه (كان). يحاولون أن يكونوا أي شيء إلا أنفسهم. يتنكرون لمن أعطى وساند, أو كان قريبا بالأمس. ويديرون وجوههم فقط أينما تكون المصلحة.
روايات تجرح, تسمع عن أشخاص تنكروا, وآخرين يتجاهلون وكأنهم من كواكب ثانية. يحسبون أنهم ربحوا، وآخرون يرونه نوعا من الذكاء, ولكنهم يخسرون أنفسهم من الداخل, لأن الحقيقة تطفو في نهاية الأمر. والعدالة الإلهية أقوى من كل شيء.
والمرأة بفطرتها وطبيعتها تميل إلى التضحية من أجل من تحب. وتعتبرها واجبا عليها لأنها مفطورة على العطاء. تحسب حياتها صفحات في كتابه. وهو الذي يحتويها. تحسب أيامها مجرد دقائق في زمنه. تسابق اللحظة من أجل إسعاده. إنه المجرة الهائلة الاتساع, وهي نجم تدور في فلكه. تختصر حياتها في عالمه، فالسعادة وجوده والفرح رضاه والأمان لمسته والطمأنينة هواه.
أحبته وراهنت بكل شيء عليه, أصبحت خياراتها ثنائية إما هو أو لاشيء. تعاند العالم ومن فيه من أجله. أصبحت المعادلة عندها بسيطة جدا, ولكنها مكلفة جدا. هو كل شيء. هي بدونه لاشيء.
لكن حينما تخسر الرهان. من يرد لها العمر الضائع والفرح المهدور والمشاعر الضائعة. من يستعيد لها الحياة التي لم تعشها والزمن الذي مضى في ومضة. من يعيد لها ذاتها التي نسيتها في زمن الجحود؟.
مواقع النشر (المفضلة)