لم يكن الشاب خلدون ذو السبعة عشر ربيعاً يعلم عندما ذهب مع أصدقائه إلى البحر بعد أن أنهى مرحلة الدراسة الثانوية بمجموع يؤهله دخول كلية الطب ان هذا الاحتفال بالنجاح سيغير مجرى حياته، وبينما كان يقفز من أحد القوارب إلى الماء ارتطم عنقه بالقعر مما أدى إلى إصابته بشلل رباعي، لكن هذه الإعاقة، التي جعلته حبيس المنزل في غرفة أشبه بغرفة مشفى، لم تكن إلا بداية لمسيرة مليئة بالإبداع والتفاؤل والأمل. وصوته الخافت لم يكن إلا صرخة تحدٍ لإعاقته التي يروي قصته معها في هذا الحوار
ما سبب الإعاقة؟ ومتى حصلت؟
- حصل الحادث منذ عشرة أعوام حين أنهيت الثانوية العامة بتفوق ورغبت في الاحتفال بالمناسبة، وحينها كنت أسبح في البحر مع أصدقائي فرأيت قارباً يتجه نحو الشاطئ، سبحت إليه وبدأت أصعد على متنه ثم أقفز في الماء، ولكن في إحدى القفزات لم يكن العمق كافياً فارتطم عنقي بالصخور القريبة من الشاطئ مما أدى لحدوث كسر في الفقرة الثانية من الرقبة وغبت عن الوعي ومن ثم نقلني رفاقي إلى المشفى.
ما التشخيص الطبي لحالتك؟
- إصابة في النخاع الشوكي، وشلل رباعي، كذلك شلل بالحجاب الحاجز مما أدى إلى وضع جهاز خاص لأتنفس من خلاله، كما أصابني ارتجاج بالدماغ في الفترة الأولى.
هل كان لديك أية معلومات عن البرمجة قبل الحادث؟
- تعلمت لغة البيسك قبل الحادث بسنة أو سنتين وصممت برامج بسيطة.
كيف بدأت بممارسة هواياتك على الكمبيوتر بعد الحادث؟
- في البداية كنت أقرأ وشخص ما يمسك لي بالكتاب، ثم أحضر لي أحد الأصدقاء حمالة للكتاب، وبعدها وضعوا لي كمبيوتر بالقرب مني وبمساعدة موظفة كنت أكتب ما أريد فترجمت كتابين عن البرمجة.
وبعد مرور عدة سنين تمكن صديقي نسيم الذي أصبح الآن طبيباً من تصميم هذه الفأرة التي أستخدمها الآن عن طريق الفم واللسان حتى أستطيع القيام بكل ما أريده على الكمبيوتر من دون مساعدة أحد.
كيف تستطيع الكتابة على الكمبيوتر من دون استخدام لوحة المفاتيح؟
صممت برنامجاً للكتابة على الكمبيوتر وذلك بإظهار الأحرف والإشارات على الشاشة فأنتقي الحروف التي أريدها بواسطة الفأرة.
هل كنت تعرف شيئاً عن الكمبيوتر قبل الحادث؟
- تعلمت لغة البيسك قبل الحادث بفترة وصممت برامج بسيطة.
كيف تستثمر قدراتك في مجال الكمبيوتر؟
- أعمل في شركة لبرامج الأطفال كمصمم برامج، وصلة الوصل بيني وبينهم هي موظف يزورني بشكل دوري لأخذ ما أنجزته وتسليمي العمل الجديد.
أنجزت لهم حتى الآن برنامج محرك رسوميات ثلاثية الأبعاد ونظام التقاط حركة ومخدم بث فيديو رقمي، ومخدم مؤثرات فيديو رقمي إضافة إلى ألعاب ثنائية وثلاثية الأبعاد.
ما البرامج التي تقوم بتصميمها؟
- أصمم برامج ملتيميديا وجرافيك، وكنت أكتب مقالات في مجلة “ترونكس” المتخصصة بالالكترونيات والكمبيوتر.
ألا تمل من استخدام الكمبيوتر لفترات طويلة؟
- لا أشعر بالملل إذ إنني أستخدم التلفزيون والانترنت. وأعتبر الكمبيوتر الصديق المقرب لي، بل هو بمثابة يدي.
ما مدى تأثير الحادث على وضعك النفسي؟
- كان هناك تأثير سلبي في الأشهر الأولى عندما كنت في المشفى، لكنني قررت أن أشق طريقي الذي قدر لي. وخاصة بعد العملية التي أجراها لي أطباء روس حضروا خصيصا من أجلي ولم يحالفهم النجاح، ونفي معظم الأطباء وجود أمل بتحسن حالتي إلا بإعجاز إلهي. كان لا بد عندها أن أستمر بالحياة وأصنع لنفسي عالما يتناسب مع وضعي الصحي.
هل يوجد أمل حاليا بتحسن وضعك الصحي؟
- يوجد بعض الأبحاث الجديدة لدراسة الخلايا الجذعية، لكنها ما زالت أبحاثاً فقط، أما أنا فلن أفقد الأمل في الوصول إلى علاج لحالتي.
كيف تمارس حياتك الاجتماعية؟
- حياتي الاجتماعية مقسومة إلى قسمين، الأول متعلق بأفراد عائلتي الذين أحبهم كثيرا والذين يمثلون الجهة المساندة والداعمة والمتعاطفة معي حتى أن والدتي توفيت بعد عامين من الحادث بسبب حزنها.
أما القسم الآخر من حياتي الاجتماعية، فأقوم به عن طريق الانترنت وهو العالم الأوسع بالنسبة إلي، فيوجد لدي أصدقاء من كافة أنحاء العالم، وأتواصل معهم عن طريق غرف المحادثة والبريد الالكتروني.
ما الجهات التي تقدم لك الدعم بشكل أساسي؟
- أصدقائي بالدرجة الأولى وهم أصدقاء الدراسة قبل الحادث والذين ما زالوا على وفائهم، كما أن الشركة التي أعمل بها تقدم لي الدعم.
ما هدفك في الحياة؟
- أحلم بالاستقلال الذاتي، أي أن يصبح لي بيت وحياة خاصة، إضافة إلى المشاركة بأبحاث تتعلق بالشلل.
وبدأت حاليا بتأسيس شركة برمجة، لكنها ما زالت في المراحل الأولى، لأنني أعتمد على الراتب الذي أتقاضاه من عملي للنهوض بالشركة.
ماذا تختار شعارا لحياتك؟
- التفاؤل
مواقع النشر (المفضلة)