قبل ان يبلغ الطفل الخامسة من عمره لا يرى الاباء والامهات اي ضرر في اكاذيبه البسيطة البريئة لانها تكون احيانا جزءا من نموه الطبيعي.. ولكن ماذا لو كبر طفلك ولم يتحرر من هذه المرحلة والى اي مدى يجب ان تقلقي اذا لم يتمكن من العودة الى الصدق؟
لا تنسي ان الامور تختلط لدى الاطفال بسببنا نحن الآباء ان الامور تختلط لدى الاطفال بسببنا نحن الآباء او الكبار المحيطين به وذلك لان عقولهم تتعامل بحرفية صارمة مع الكلام فيتحاور اولا من المبالغات العارضة مثل: «لقد ارتفعت حرارتي حتى كدت اموت» ولكننا لانعتقد ان مثل هذا القول يعتبر كذبا إذا لم يمت المتحدث من الحمى التي اصابته. كما اننا كثيرا ما نكذب كذبا – نعتبره ابيض – للحفاظ على شعور الآخرين فتقول «ألوان هذه البلوزة رائعة وتناسبك تماما» في حين يكون رأيك الحقيقي الذي تذكرينه فيما بعد لزوجك «إنها تشبه كسوة انبوبة الغاز» او حين تدعين على العشاء لدى جدتهم فتعتذرين بمرض الابناء من القول انك لا ترتاحين للتواجد مع شقيقات زوجك. كما اننا نستخدم اكاذيب تندرج تحت الاختلاق والتظاهر بأشياء غير حقيقية لمجرد ادخال البهجة وكسر الملل مثلما نفعل في بداية شهر ابريل.
اذا فالكبار يقومون – بشكل او بآخر – بالتوسع والمبالغة في حقيقة الامور والاطفال يتشربون هذه السلوكيات بحذافيرها.
الكذب بين 5 – 10 سنوات
يبدأ الطفل في فهم الفرق بين الواقع والخيال من عمر خمس سنوات فيدرك ان الاختلاق والتظاهر مجرد لعبة، ومن المؤكد ان الاطفال الصغار يكذبون في العادة لتفادي الوقوع في مشكلات مثل: لم اقطع الملابس ولكن ناصر جذبها» ولا يستطيعون قبل عمر السابعة ان يفرقوا بين الحقيقة والكذب وعند الثامنة او التاسعة من العمر لا بد ان يكونوا قد فهموا تماما الفرق بين الصواب والخطأ ومن ثم لا بد من ان يشعروا بعدم الارتياح حين يكذبون على الرغم من استمرارهم في الكذب.
للتأثير على الاصدقاء
افكار التمني تتيح للطفل التأثير على اصدقائه وبذلك يتخيل ان شيئا ما يريد ان يتحقق قد تحول الى حقيقة فعلا مثلا حين يسمع ان اسرة صديقه قد سافرت الى بلد اوروبي في فصل الصيف فإنه عادة ما يقول «لقد كنا هناك العام الماضي» لتحقيق الأماني كما ان الاطفال كثيرا ما يكذبون بخصوص غياب الاب عن الاسرة فيختلقون القصص عن السعادة والبهجة التي يتمتعون بها سويا – مع الاب – لانهم يتمنون ان تسير الامور على هذا النحو.
بعض الاطفال يعانون من محاولة التفريق بين ما هو من صنع خيالهم وبين الواقع ويعتقدون انهم لو ارادوا شيئا حقا فسوف يحدث لهم مثلا: «لقد تلقيت جهاز ألعاب فيديو محمولا هدية نجاحي».
لإسعاد الوالدين
والاطفال حريصون دائما على اسعاد الوالدين فيقولون: «لقد غسلت يديّ بعد الاكل» على الرغم من ان الطفل فوق عمر السابعة يعرف انك تستطيعين التأكد من صحة ما يدعيه الا انه يكذب فقط ليراك سعيدة ولو للحظات.
للهرب من التوبيخ
واذا خشي الطفل لأن اطراءك له مشروط دائما فإنه يبالغ كأن يقول «انا حصلت على اعلى درجة في الفصل على هذا الاختبار» فهو يعتقد ان المهم ان يكسب مديحك له وليس المهم ان يكون صادقا. وهناك ايضا الكذب لتفادي العقاب وكلما ازداد توبيخك للطفل ازداد كذبا حتى لو كان كذبا مفضوحا مثل «الكوب انكسر وحده».
عودة إلى الصدق
كي تشجعي الطفل على قول الصدق، تقبلي تعبيره عن رغباته وأساليبه: «هل تتمنى السفر الى دولة أوروبية في الاجازة.. دعنا اذاً نخطط لهذا الامر ولكن لماذالا تقولي لأصدقائك الحقيقة وما حدث فعلا في اجازة الصيف الماضي» واشرحي له انك تفضلين الحقيقة حتى وان كانت سيئة، وأكدي له انه لن يفقد حبك ابداً بغض النظر عن درجاته وتقدمه الدراسي.
لا تفرطي في القسوة مع الطفل، حيث ان الخوف من العقاب يجعل الطفل معتادا على الكذب، فيجب ان يثق بأنك لن تصرخي في وجهه او تضربيه، فلا يجب ابدا ان تصبح الحقيقة مصدرا للاذى، قولي له: «صارحني بما حدث فعلا ولن اغضب» وبمجرد ان يدرك الطفل من قبولك له وحبك حتى لو اخطأ فلن يحتاج الى الكذب.
الكذب بين 11 – 15 سنة
هذه المرحلة اصعب على الوالدين، حيث تقل المعلومات المتاحة عن الطفل وطرق التغلب على مثل هذا السلوك، وهنا ينصح الخبراء بالتغاضي عن اكاذيب المراهقين، الا فيما يتعلق بالامور الجنائية او الادمان.
لتفادي التجارب المؤلمة
وهذا امتداد طبيعي للعبة التظاهر التي بدأها في الصغر كأن يتفادى التبعات التي تزعجه (قد يتظاهر بألم في البطن حتى لا يذهب الى المدرسة فلا يتعرض لمشكلة عدم اداء الواجبات المدرسية المطلوبة او الاختبار الشهري).
لخداع الآخرين
قد يختلق الطفل قصة لمجرد ان يرى ما اذا كان الآخر سيصدقه، فيفرح بقدرته على خداع الآخرين، كأن يقول للمعلم انه قضى الاجازة خارج البلاد.
لجذب الانتباه
قد يتظاهر الطفل بالمرض مثلا لنيل تعاطفك ورعايتك او للتأثير في غيره من الاطفال، حين يسردون قصصا عن شجاعتهم «لقد طاردت كلبا شرسا بالامس» او لاخفاء الجاذبية والقبول على شخصيته «ان ابي لديه مليون دينار في البنك».
لكسب الاستقلال
مثلا قد يكذب الطفل بخصوص المكان الذي قضى فيه الامسية مع رفاقه فلا يحدده بل يجعله غامضا لانه لو اعترف بالذهاب الى مكان غير مسموح له بارتياده فسوف يتعرض للتأنيب من الاب ويظل يعنفه حتى الصباح.
عودة إلى الصدق
حتى تشجعي الطفل على قول الصدق اكدي له ان الكذب خطأ، واشرحي له السبب وقولي له انك تريدين الصدق منه دون ان تفرطي في عقابه، وتعاملي مع الامور بجدية وناقشي الاسباب وراء سلوكه وحدثيه عن كيفية البعد عن الكذب من خلال الاقرار بما حدث فعلا، مثلا «لقد غضبت من اختي، لذا فقد القيت لعبتها من النافذة» وذلك بدلا من الاصرار على عبارة «لم ار لعبتها»، احترمي حاجة الطفل الاكبر الى الخصوصية، فقد لا يريد مناقشة كل اموره معك، واجباره على ذلك قد يدفعه الى الكذب.
مواقع النشر (المفضلة)