قرارات، قرارات، قرارات تحيط بنا من كل جانب منها الصغير ومنها المصيري، فنواجه عشرات منها كل يوم، اي الطرق نسلك في اتجاه العمل؟ اي الالوان نختار لطلاء غرفة المعيشة؟ الى اين سنسافر الصيف المقبل؟ وكلما ازدادت الاختيارات وتنوعت ازدادات صعوبة اتخاذ القرار مهما صغرت القضية المطروحة.
حتى اختيار نوع الشوربة الذي ستعدينه لاولادك قد يجعلك تفكرين بعض الوقت وانت تقارنين بين شوربة الدجاج بالكريما وشوربة الدجاج بالمعكرونة، وانت واقفة امام رف الشوربة بالجمعية، وكل هذه الاختيارات تقودنا الى الافراط في التفكير حتى قبل اتخاذ ابسط القرارات، فكثرة القرارات تصيب الانسان بالشلل احيانا، فينفق الكثير من الوقت والجهد، قبل الوصول الى قرار معين، ويعتبر انه فشل اذا اختار بعد ذلك ما هو اقل من ممتاز.
بالطبع تحتاج بعض القرارات الى تدقيق وتمحيص، فمثلا حين تبحثين عن مدرسة مناسبة تلحقين بها ابنك فمن المتوقع ان يطول البحث، وقد ينتهي بك الامر الى مزيد من الحيرة للاختيار، بين العديد من المدارس المتاحة واحيانا يكون لسؤال واحد اكثر من اجابة صحيحة، وقد تكتشفين بعد الحاق ابنتك بالمدرسة ان بعض مخاوفك لا داعي لها، وان الامر لا يحتاج إلى أكثر من استشارة بعض من تثقين برأيهم، كي يرشحون لك بعض الاختيارات الصائبة ثم تختارين من بينها بنفسك.
واذا كنت ممن يميلون الى المماطلة في اتخاذ القرار فقد يكون السبب ان كل الاختيارات مقبولة بالنسبة إليك، فإذا كان الاختيار بين شيئين صعبا فمعنى ذلك انه تصعب المقارنة بينهما لقلة اختلافهما فلو ان احد الاختيارين افضل من الآخر كثيرا سيكون القرار سهلا.
جربي هذا الاسلوب حين يتعلق القرار بأمر بسيط مثل هل تقصي شعرك ام لا؟ استخدمي عملة معدنية واختاري لكل وجه منها قرارا معينا ثم ألقيها في الهواء وعندما تسقط على وجه معين اذهبي وراء اختيار العملة، اذا شعرت بارتياح وذا لم ترضي به اذهبي في الاتجاه الآخر، ومهما كان اختيارك فستشعرين بالخلاص لانك اتخذت القرار.
القرار المستبعد
حين يأتيك مثلا مبلغ من المال لم تحسبي له حسابا، فقد تقعين في حيرة هل تدفعينه مقدما لسيارة جديدة لأن سيارة العائلة تبلغ من العمر عشرة اعوام، وقطعت 150 ميلا؟ ام تضعين المبلغ في البنك تحسبا لاي طوارئ وتستكملي المشوار بالسيارة القديمة؟
- لكل اختيار حسناته وعيوبه، مما قد يؤدي بك الى الاحباط المتزايد، وقد يعود السبب في ذلك الى رغبتك في سيارة جديدة والاحتفاظ بالمال في الوقت نفسه.
ولكن اعلمي الآتي، فكل قرار هو اختيار شيء وفي الوقت ذاته استبعاد شيء آخر، فحتى اكثر الناس حظا لن يستطيع الفوز بكل شيء.
وبمجرد ان تدركي ان الاختيار هو ان تحتفظي بشيء على حساب التخلي عن شيء آخر، فستتمكنين من معرفة ما يجب عليك فعله وستسعدين بالنتيجة ايضا.
ثقي بنفسك
لكل إنسان أسلوبه في اتخاذ القرار، ولسوء الحظ لا يعرف معظم الناس ما هو اسلوبهم بالتحديد، او انهم لا يثقون بان هذا الاسلوب هو الاسلوب الصحيح.
فبعض الناس يتخذون قرارا ما ثم يستشعرون حركة المعدة، فان كانت هادئة مستقرة فهذا هو الاختيار السديد، اما اذا اصاب المعدة قلق وتوتر، فمن المؤكد ان القرار غير مناسب.
احيانا يظل المرء بين مد وجزر الاختيارين، ثم فجأة يأتي يوم يندفع فيه بلا اي مبرر نحو اختيار ما، وكأن كل الغيوم انقشعت وما ان يختار حتى تعمه السعادة.
والاحتمال الاكبر انك لو عدت الى الاسلوب الذي اتخذت به قرارا خائبا في الماضي فستجدين استشارة الاخرين من دون معرفة ما تريدينه فعلا لنفسك كان السبب الحقيقي في خيبة قرارك.
النظر إلى الأمام
حتى ولو بسطنا الامور ورتبناها فان اتخاذ القرار ليس سهلا وخصوصا في الامور المهمة مثل اختيار مدرسة للابناء او شراء منزل جديد، وذلك لاننا لا نعرف منذ البداية تبعات اختياراتنا وما سيترتب عليها، وهذا ما يعيق الكثيرين منا.
الخوف من التبعات
حين يستحوذ عليك الخوف فيوهمك ان التغيير قد يؤدي بحياتك الى ما هو أسوأ تسيرين في طريق القلق والهموم ذكري نفسك ان معظم القرارات يمكن الرجوع عنها، ففي امكانك اعادة السجادة وترك العمل والغاء الحجز، وفي امكانك ايضا الاختيار بناء على المعلومات المتوافرة لديك في أي لحظة، وان تثقفي بامكاناتك وقدراتك على التكيف كلما تغير الموقف.
واذا ساءت الامور تماما يصبح عليك ان تسامحي نفسك وتتابعي حياتك فكل شيء يمكن تعديله بمرور الزمن.
هل أنت مترددة؟
4 طرق لتغيير طبعك
-1 حددي هدفك
حين تحاولين الاستقرار على اختيار واحد ضعي عيناك على الهدف: هل تحتاجين حقا شراء حذاء جديد؟ ام انك تتصرفين بشكل انفعالي بعد يوم عمل شاق؟
وضحي اهدافك بان تسألي نفسك: لم هذا الاختيار؟
-2 تصرفي بسرعة
في الامور البسيطة ـ مثل اختيار الفيلم الذي ستسهرون عليه امام جهاز الفيديو ـ امنحي نفسك دقيقتين لا اكثر ثم تعرفي واسألي نفسك دائما هل سيؤثر هذا القرار في حياتي على المدى البعيد؟ واذا كانت الاجابة بالنفي لا تهدري وقتا طويلا او مجهودا شاقا من اجله.
-3 لا تتعجلي الأمور الكبيرة
اذا كانت المشكلة معقدة ووجدت نفسك وقد دخلت لعبة الاحتمالات ودارت برأسك مرات ومرات فقد يكون الوقت غير مناسب لاتخاذ القرار. امنحي نفسك فسحة ولكن كوني محددة. سأنام الان وسأقرر غدا او سأترك الامور مستقرة لمدة اسبوع ثم انظر فيها مرة اخرى او سأنتظر حتى الصيف القادم.
-4 تحركي بنشاط
اثبتت الابحاث ان السير بخطوات سريعة نشطة يساعد على التركيز على الهدف وابعاد التردد.
مواقع النشر (المفضلة)