تعتبر الأحساء منذ القدم منطقة جذب سكاني نظرا لتوافر مقومات الحياة للإنسان فيها، حيث الخضرة والماء والأرض الخصبة والحياة المستقرة. ومن الطبيعي أن يحتاج الإنسان إلى أدوات يستخدمها في حياته اليومية، ولأنه وكما قيل أن الحاجة أم الاختراع، فقد سخر الإنسان آنذاك ما وفرته له الطبيعة لكي يصنع منها أدواته اليومية التي يحتاجها، ومنها الطين المتوافر الذي يعتبر من أفضل أنواع الطين لتوافر مواصفات ومقومات من ليونة ولزوجة وتطواع، فبدأ الإنسان القديم يبحث عن أفضله ويجلبه ليصنع منه أشياء تفيده في حياته اليومية.
وقد أصبحت بعض الأسر تسمى بنفس المهنة التي يمارسها أصحابها، فهناك الحداد والنجار والغراش.. والغراش هو الشخص الذي يقوم بعمل الفخار وتشكيله، وقد توارث الأبناء عن الآباء والأجداد، واستمرت المهنة من تلك الأيام الخوالي إلى يومنا هذا، حيث لها متخصصوها وإن اندثر بعض منها. «أحوال الناس» التقت مع أحد ممارسيها وهو في العقد السادس من العمر، والذي أول ما بدرنا به هو توجيه نداء للمسؤولين أن ينظروا لأصحاب تلك المهن الذين بالكاد يجدون ما ينفقونه على أسرهم، لأن هذه المهن لم يعد يقبل على شراء منتجاتها أحد الآن، إلا من يهتم بالتراث وهم يعدون على الأصابع، وحتى الأسواق التي كانت تخصص ركنا لمنتجاتنا لم يعد بها مكان، والسبب هو انتشار المستورد أو الاستغناء عن منتجاتنا لوجود البديل من البلاستك والمعادن.
وعن أشهر الأدوات التي تصنع : نعمل المسخنة، وهي إناء كبير متوسط الحجم له فتحه صغيره من أعلى كالدورق، وله عروة والغريب أنه رغم أنه يبرد الماء لكنه يسمى مسخنة.
وهناك أفرن المخابز الشعبية والتي تستخدم الآن لإعداد المندي في المزارع وفي المطابخ الكبرى ومنها المبخرة التي يتبخر بها الناس في المنازل سابقا، والنساء بشكل خاص حاليا. وهناك الحصالات للأطفال والأواني الفخارية المسماة الملقى لسقي الحمام والكؤوس الفخارية للشرب والشمعدان وغيرها الكثير.
الآن في تزيين المنتج بالألوان لأننا وجدنا أن إحدى الدول الخليجية المجاورة وكذلك الصين تورد لنا مثل تلك الأواني الملونة، وبدأنا في العمل على تلوينها حيث تجد إقبالا إلى حد ما.
أما عن الأبناء، وهل منهم من يمارسها قال: الأبناء لم يعد يهتم منهم أحد بذلك، فهم بالمدارس. وان كنا نتمنى أن نقيم دورات للشباب والطلاب للحفاظ على هذه المهن المتوارثة من الانقراض.
مواقع النشر (المفضلة)