بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد ان محمدا عبده ورسوله ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما ، اللهم اجعلنا ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه ، أما بعد :
فقد انتشر في العديد من المنتديات مواضيع تدعو الأعضاء الى التسبيح والتكبير ، وبعضها تدعوهم إلى أن يذكر كل عضو اسم من أسماء الله الحسنى ، وبعضها تدعوهم إلى الدخول من أجل الصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقد أحببت من خلال موضوعي أن اوضح حكم الشرع في مثل هذه المواضيع ، فأسأل الله ان يعينني لإيصال هذا الموضوع بأبسط وأوضح صورة ممكنة ، إنه سميع مجيب .
من المعروف إخوتي أن الذكر الجماعي بدعة محدثة والدليل على ذلك ما ورد في الأثر عن عمرو بن سلمة .
عن عمرو بن سلمة : كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل الغداة ، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد ، فجاءنا أبو موسى الأشعري، فقال أَخَرَجَ إليكم أبو عبد الرحمن بعد ؟ قلنا : لا . فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعًا ، فقال له أبو موسى : يا أبا عبد الرحمن ، إني رأيت في المسجد آنفًا أمرًا أنكرته ، ولم أر - والحمد لله - إلا خيرًا. قال : فما هو ؟ فقال : إن عشت فستراه. قال : رأيت في المسجد قومًا حِلَقًا جلوسًا ينتظرون الصلاة ، في كل حلقة رجل ، وفي أيديهم حَصَى ، فيقول : كبروا مائة ، فيكبرون مائة ، فيقول : هللوا مائة ، فيهللون مائة ، ويقول : سبحوا مائة ، فيسبحون مائة .
قال : فماذا قلت لهم ؟ قال : ما قلت لهم شيئًا انتظار رأيك وانتظار أمرك .
قال : أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم ، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء ؟
ثم مضى ومضينا معه ، حتى أتى حلقة من تلك الحلق ، فوقف عليهم ، فقال : ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟ قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، حَصَى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح .
قال : فعدّوا سيئاتكم ، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء . ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم ! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون ، وهذه ثيابه لم تبل ، وآنيته لم تكسر ، والذي نفسي بيده، إنكم لعلى ملَّة أهدى من ملَّة محمد ، أو مفتتحوا باب ضلالة. قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ، ما أردنا إلا الخير . قال : وكم من مريد للخير لن يصيبه .
إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم.
وأيم الله ما أدري ، لعل أكثرهم منكم ، ثم تولى عنهم . فقال عمرو بن سلمة : رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج.
{أخرجه الدارمي وصححه الألباني، انظر السلسلة الصحيحة 5-12}
من هذا الأثر يتبين لنا إنكار عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - لفعل الجماعة الذين جلسوا يذكرون الله ذكرا جماعيا ، وسبب إنكاره واضح فقد احدث هؤلاء بدعة جديدة لم تكن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يفعلها الصحابة - رضوان الله عليهم - أبدا .
وقد أفتى الكثير من علماء المسلمين بحرمة هذا العمل وأنه من البدع المحدثة ،
... فالبعض يعزم بأنها بدعه حسنه
واقول له اقرأ معي هذه الفتوى
عنوان الفتوى : ما حكم تقسيم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة؟
سماحة الشيخ صالح الفوزان اسم المفتى
15561 رقم الفتوى
25/08/2003 تاريخ نشر الفتوى
نص السؤال
ما حكم تقسيم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة؟ وهل يصِحُّ لمن رأى هذا التقسيم أن يحتجَّ بقول الرسول: "مَن سنَّ سُنَّةً حسنةً في الإسلام..." الحديث، وبقول عمرَ: "نعمتِ البدعةُ هذه..."؟
نرجو في ذلك الإفادة، جزاكم الله خيرًا.
نص الفتوى
الحمد لله
ليس مع من قسَّم البدعة إلى بدعةٍ حسنة وبدعةٍ سيئةٍ دليلٌ؛ لأن البدع كلَّها سيئةٌ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" [رواه النسائي في "سننه" (3/188-189) من حديث جابر بن عبد الله بنحوه، ورواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/592) بدون ذكر: "وكل ضلالة في النار" من حديث جابر بن عبد الله. وللفائدة انظر: "كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث" لأبي شامة رحمه الله تعالى ص(93) وما بعدها.].
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن سنَّ في الإسلام سُنَّةً حسنةً" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/704-705) من حديث جرير بن عبد الله.]؛ فالمرادُ به: من أحيا سنَّةً؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك بمناسبة ما فعلَهُ أحد الصَّحابة من مجيئه بالصَّدقة في أزمةٍ من الأزمات، حتى اقتدى به الناس وتتابعوا في تقديم الصَّدقات.
وأما قول عمر رضي الله عنه: "نعمتِ البدعةُ هذه" [رواه البخاري في "صحيحه" (2/252) من حديث عبد الرحمن بن عبد القاري.]؛ فالمراد بذلك البدعة اللغويَّة لا البدعة الشرعيَّةُ؛ لأنَّ عمر قال ذلك بمناسبة جمعه الناس على إمام واحد في صلاة التَّراويح، وصلاة التَّراويح جماعة قد شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث صلاها بأصحابه ليالي، ثم تخلَّفَ عنهم خشية أن تُفرضَ عليهم [انظر: "صحيح البخاري" (2/252) من حديث عائشة رضي الله عنها.]، وبقي الناس يصلُّونها فرادى وجماعات متفرِّقة، فجمعهم عمر على إمام واحد كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليالي التي صلاها بهم، فأحيى عمر تلك السُّنَّة، فيكون قد أعاد شيئًا قد انقطع، فيُعتبَرُ فعله هذا بدعة لغويَّة لا شرعيَّةً؛ لأنَّ البدعة الشرعية محرَّمة، لا يمكن لعمر ولا لغيره أن يفعلها، وهم يعلمون تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من البدع [للفائدة: انظر كتاب "الباعث على إنكار البدع والحوادث" لأبي شامة (ص93-95).].
مواقع النشر (المفضلة)