كان رمضان شهراً مقدساً قبل الاسلام، وقد ورد في اللغة الآرامية باسم “رمع” أي رمض، لأن الضاد العربية تقابلها العين الآرامية، ولا تزال في عامية لبنان كلمة “رمعان” على وزن رمضان، وهو الرماد الممزوج بالحجر الصغير الذي يستدفئون به.
وقد اختلف في اشتقاقه، فقيل: انه من الرمض وهو شدة الحر، وقال ابن دريد: لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة أسموها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق رمضان أيام رمض الحر وشدته فسمي به، ثم كثر استعمالها في الأهلة وان لم توافق ذلك الزمان، ويقال: إن أول من سماها بهذه الاسماء كلاب بن مرة من قريش وكان اسم رمضان في الجاهلية: الناتق او الناطل من الناقة، الناتق أي كثيرة الولادة، أو من الناطل وهو كيل السوائل. ولكن يلاحظ ان الفلكيين يقولون: ان التسمية الجديدة للشهور وقعت في الخريف، وهو ليس شديد الحر، ويرى بعضهم انه مأخوذ من رمض الصائم، وهو حر جوفه من شدة العطش، او لأنه يرمض الذنوب: أي يحرقها بالاعمال الصالحة من الارماض وهو الاحراق، وقد جاء في الحديث الشريف: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”. وقيل: لأن القلوب تأخذ فيه من حرارة الموعظة والتفكر في أمر الآخرة، كما يأخذ الرمل والحجارة من حر الشمس، وقيل: هو قيل من رمضة النصل أرمضه رمضا، إذا دققته بين حجرين ليرق: سمي بذلك لأنه شهر مشقة يذكر الصائمين بما يقاسيه أهل النار فيها، وقيل: لأنهم كانوا يرمضون أسلحتهم فيه (يرققونها) ليحاربوا بها في شوال قبل دخول الاشهر الحرم. وقال بعضهم: انه اسم من أسماء الله تعالى، وعللوا بذلك أنه كلما ذكر قيل شهر رمضان، ولم يذكروه فرداً بغير اضافة كما يقولون مثلا “شعبان وصفر والمحرم” وسائر الشهور الاخرى. ويروي صاحب لسان العرب عن مجاهد انه كان يكره ان يجمع رمضان اذ يجمع على وزن جمع المؤنث السالم وعلى أوزان جموع التكسير، فيقال رمضانات ورماضين وأرمضه وأرمضاء الى آخره. ثم روى صاحب اللسان عن مجاهد انه قال: “بلغني انه من اسماء الله عز وجل”. ويجوز ان اسمه مشتق من الرمض وهو المطر يأتي قبل الخريف فيجد الارض حارة محترقة، لكن الرأي الراجح انه مشتق من الرمضاء وانه كان يأتي من الرمضاء كل سنة، لأن العرب قبل الاسلام كانوا يحسبون تاريخهم بسنة قمرية شمسية، فيضيفون تسعة أشهر كل أربع وعشرين سنة، او يضيفون سبعة أشهر كل تسع عشرة سنة، او يضيفون شهرا كل ثلاث سنوات حسب مواقع الشهور، ويغلب ان يكون هذا الحساب متبعا في مكة دون البادية ومن يسكنها من الاعراب الذين لا يحسنون الحساب ولكنهم يتبعون فيه أهل مكة بجوار الكعبة، لأن شريعة الكعبة هي التي كانت تسن لهم تحريم القتال في شهور السنة وإباحته في سائر الشهور.
مواقع النشر (المفضلة)