بعضنا أحياناً يفكر بطريقة تائهة، ويتحدث بطريقة باذخة إن صح التعبير. والتفكير
الباذخ والحديث الباذخ، هما تماماً كالصرف الباذخ.. لأنهما ينهكان الفكرة ويستنزفانها
عبر مجموعة من الأفكار المترهلة المتسعة للغوغائية، المفتقرة إلى الأحكام والتناسق
والانضباط.
ولهذا فإن البعض يلجأ عندما يتحدث إلى الانفعال، وربما الصراخ والتهويش، محاولة منه
لجمع أفكاره. كما يحاول راعي الغنم لم قطيعه الضائع بالنداء، والتصويت.. كل ذلك
تغطية للتمزق في أفكاره وعدم ركونه إلى رأي واثق.
إن عدم وضوح الفكرة ونضجها في رأس المتحدث يجعله يرخي العنان للسانه لتثور
زوبعة من الغبار فتحجب العقل.
ما أكثر تنظيراتنا وأفكارنا، ولكنها بكل أسف تظهر من رؤوسنا قبل أن تنضج
أو قبل أن تكتمل دورتها الطبيعية، وكأنها صادرة عن عقلية تعاني من أخطاء في
هندستها الذهنية، فتولد هذه الأفكار ميتة أو مشوهة معاقة..!
السبب أنه قليل فينا هم أولئك الصامتون، الذين إذا تحدثوا كان حديثهم أفضل من
صمتهم، وكثيرون فينا أولئك المتحدثون الذين إذا صمتوا كان صمتهم أفضل وخيراً
من كلامهم.
مواقع النشر (المفضلة)