عندما تحسّ بالألم تجاه أمر ما فإنك حتماً ستحسّ بالآخرين وستحسّ بمعاناتهم وآلامهم، ولكن عندما تحسّ بالسعادة ولذتها فإنك تحسّ بأنك ملكت الدنيا وما فيها، ولكن للأسف لا أظن أنك ستذكر الآخرين بل على العكس قد تنساهم لأنك غارق في السعادة، وليتها السعادة الأبدية، ولكن لن تطول تلك السعادة؛ فهذه سُنة الحياة وما تحمله لنا من أمراض وموت وفقر؛ فما تلبث إلا أن تعود كما كنت في عراك مع هذه الحياة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا نجعل أحاسيسنا ومشاعرنا تجاه الآخرين لا تتوقف عند أمر ما؟ أما علينا أن نحس بمن حولنا؟ أما علينا أن نبحث عنهم ونساعدهم ونواسيهم ونمدّ يد العون إليهم وننتشلهم مما هم فيه من ضائقة؟ ألا نساعدهم بأن نمنحهم حياة آمنة مستقرة؛ فكلما تقربنا منهم تقربنا من معاناتهم؟ لذا علينا جميعاً أن نتعاون ونجتهد من أجل ذلك؛ فعندما نمنحهم الراحة والاستقرار نكون منحناهم الشعور بالسعادة، وعندما نحاول خوض مثل تلك التجربة فلا أظن أن التعب والإرهاق والملل سيكون حليفنا؛ لأنه كلما أحسّ الإنسان بآلام الآخرين أحسّ بنفسه؛ مما يجعله يحسّ بالسعادة، أجل إنها السعادة الحقيقية التي لا تزييف فيها؛ فمساعدة الآخرين كالفقراء والمسنين ورعاية الأيتام والأرامل ومساعدة المعوقين والوقوف على احتياجاتهم وعيادة المريض حتى زيارة الأقارب ومساندتهم، خصوصاً كبار السن، فيها سعادة، وفيها طمأنينة؛ فكل تلك الأبواب وغيرها تجدها مفتوحة أمامك لتدخل ما شئت منها لتمنحك السعادة؛ فطرق الخير وتحسّس الآخرين ليس لها طريق واحد، وإنما تتعدد طرق الخير فيها؛ فكن على ثقة بأن الشعور بالآخرين ومواساتهم والوقوف معهم لها نكهة وطعم ولذة خصوصاً المتعة التي تجدها في راحة الضمير؛ فتتمتع براحة وسعادة لم تتحسسهما بقلبك من قبل؛ فاجعل مفاتيح السعادة في متناول يدك واجعل الأبواب أمام عينك وتحسسها بقلبك؛ فالسعيد من امتلك مفاتيح تلك الأبواب.
مواقع النشر (المفضلة)