عـــالم مثـــالي
ـــــــــــــــــــــــ
.
كـعادة كل صباح بعد أن أرتدي ثيابي وأصبح في هذا المظهر المهندم أجلس فوق مائدة الإفطار الصغيرة أتناول إفطاري السريع قبل خروجي للعمل ومتابعة الأعمال اليومية التي تريدها أمي ؛ قبل خروجي سألتها أين أخي ..؟ أجابتني إنه قد ذهب لعمله لحضور إجتماع صباحي هام ولم يستطيع الجلوس للإفطار . تعجبت سألتها هل وجد عمل..؟!
قالت نعم ؛ وكمان بمرتب مغري جداً .. قلت لها .. متي .؟ قالت لي أمس أتصل به صاحب شركه هندسية كبري وأخبرهـ إنه تم اختياره ضمن الفريق الذي شكلته رئاسة الجمهوريه لمكافحه التصحر .. أبتسمت وقلت لها الف مبروك اخيراً وجد عمل بعد 7 سنوات من التخرج وعمل الأبحاث .. ، أجابتني ان الله لا ينسي عباده .. أكملت قهوتي ثم قبّلت يداها وخرجت .
وانا اسرع في خطواتي اريد أن الحق بالأتوبيس قبل الزحام اليومي والمشاجرات اليومية عند الركوب حين وصلت للمحطة وجدتها خالية من الباصات والناس تنتظر في نظام وعندما حضر الباص جريت نحوه مسرعاً كي أجد مكان لي فنظر لي كل من حولي في استهجان وسألوني لما العجلة سنركب جميعاً ..! ووجدت الناس تركب في انتظام .. الكبير أولاً ثم الصغير وعندما اكتملت الكراسي الخالية تبقي بعض الأشخاص لم يجدوا مكاناً لهم ولأول مرة أجد الابتسامة تشع علي وجوههم وليست ملامح الضيق اليوميه التي تعودتها يومياً .
انطلق الباص إلي ان جاءت محطتي فنهضت ونزلت أمام المستشفي وعند دخولي وجدت الناس ملتفون حول التليفزيون فسألتهم هل هي مباره في كأس كوبا امريكا قالوا لا انها كلمة رئيس الجمهوريه في مؤتمر القمه العربي فقلت وما الجديد خطاب اليوم هو نفسه الخطاب منذ 10 سنين قالو لا اسكت وتابع فنظرت وجدت رجلاً شاباً يتضح في كلامه الثقافة الدينيه يقول ويبارك للأخوة الحضور القرار رقم 10855 لسنه 2050 للقمه العربيه رقم 99 وهي :-
لو لم تسلم إسرائيل مدينة القدس وتوافق علي قيام الدوله الفلسطينيه سوف تقوم 22 دوله بالهجوم بضربة رجل واحد لتحرير الأرض واستعادة الحق المغتصب وأن يمنع منعاً باتاً تزويد أي دولة اُروبية أو أمريكية بالبترول العربي وأن يتم فتح جميع الدول العربية للحياة كيفما يشاء كل عربي داخل هذا الوطن الكبير ..
استغربت مما يحدث هل أصابهم الجنون ..؟! هل هم مستعدون لمواجهة العالم.؟ فسمعت الرئيس يختتم خطابه بقوله تعالي ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) صدق الله العظيم
وجدتني اصفق كثيراً نحنُ لسنا بضعفاء ..!! اليوم نحن نثق بقدراتنا ونثق بديننا ونثق ايضاً بأنفسنا سبحان الله ماذا تغير اليوم ..؟ صعدت لمكتبي في الدور الثامن انظر كما تعودت لنهر النيل الجميل وسرحت ثم التفت لصوت خلفي يلقي عليّا الصباح وجدته مدير القسم الذي اعمل به .. اجبته صباح النور يا أستاذ هشام ؛ ولكن كان مرسوم علي وجهه الحزن . فقلت له خير .. لما يبدو عليك الحزن أخبرني أن والد زميل لنا قد وافته المنيه . إنا لله وإنا إليه راجعون .. البقاء لله . . ثم قال اننا نقوم بجمع أي مبلغ من كل شخص بالقسم .. سألته لماذا.؟ هل هو لا يملك المال ؟ قال بالعكس هو يملك الكثير منه لكن هذهـ لفتة إنسانية لكي نشعرهُـ بأننا متضامنون معه في حزنه وإننا نساعدهـُ ليعرف إننا كـ أسرة واحدة وأحزانه هي أحزاننا .. فقلت في بالي ما الذي يحدث هذا اليوم أشياء غريبة . ثم فزعني صوته وهو يقول ايه يا عم انت رحت فين .. اجبته لا شيء فقط كنت افكر .. ثم خرج وتركني ..
مر يومي سريعاً في العمل دون اي مضايقات او مشاحنات الناس يبدو علي وجوههم علامات الرضا خرجت إلي الشارع لم اجد الضوضاء المزعومة ولا النساء اللاتي كانا يعشقن التمرد في لبس الثياب والمشي - كـ ثعبان يقدم الدواء - بطريقه ملتوية ..
الأيمان أصبح يحيط بنا من كل جانب الحياة تغيرت ,, أصبحت أكثر سهولة الكل يعرف ما دورهُـ ومسئوليته إتجاه غيرهـ من البشر الكل يحترم آدميته ويحترم الاخر كذلك لا فرق بين عامل صغير ورجل الاعمل الثري ... ولا فرق بين رجل المرور الذي يقف طول اليوم في الطريق ليساعدنا وهذا الطبيب الذي يحترم مهنته في مساعدة المرضي دون النظر لأي مقابل مادي مرتفع ..
الكل أصبح مختلف يبدو أن أشياء كثيرة حدثت وأنا نائــم...!! ربما إننا اخيراً آمنا بحجم قدراتنا ووثقنا في من حولنا وأحببنا لغيرنا ما نتمناه لأنفسنا ورفضنا للغير أيضا ما نرفضه لأنفسنا .
أصبحت ثقافتنا هي تلك الثقافة التي تعيدنا لأيام المجد كان الإسلامُ فيها هو منارة العالم وكل ما كان متطورا إنذاك كان إسلامياً .
أصبحت أفكارنا مختلفة ليست مهتمة كثيراً بموديل الموبايل الجديد والفرق بين إن 70 وإن 76 والالبوم الجديد للفنان الشهير والدخول للنت فقط للشات ومضيعة وقت كتير ما كنا نعرف قيمته ...
أصبحت الأحلام حقيقية لأننا فكرنا كلاً في دورهـ وجاء ايضاً من يؤمن بنا وبثرواتنا الحقيقيه وقوتنا الخفية وثقتنا المبهرة في انفسنا لأننا فقط نصرنا الله حافظنا علي تعاليم ديننا تركنا شهوات الدنيا فتركتنا شهواتنا فكرنا في يوم الحساب فهربنا جميعاً إلي الأخرة ونحن نحيا في دنيا الأختبارات ..
أصبح اليوم الشارع مضيء ليس بالأنوار لكنه بعلامات الإيمان الظاهرة علي الوجوه بهذه الطمأنينه التي أصبحت في القلوب .. بهذا النداء الأخير الذي طالما اسمعه دائماً في أذني أن كل الفرص مازالت موجودة وأن كل الاحلام ممكنة ومشروعة وأن مره واحدة فقط هي المطلوبة .. وعلي كلاً منا أن يؤمن بذاته وقدراته وأن يثبت للأخر إنه جدير بهذه الفرصة . وقتها سنجد أنفسنا لسنا فقط منتصرين لكننا في كل المجالات ستجدنا مبهرين ...
وفجأة
.
.
وجدت يد تمتد إلي كتفي بقوة فتحت عيني إنها أمي تخبرني أن ميعاد العمل قد حان وإنني سوف أتأخر. ظللت منبهراً لوهلة ثم أبتسمت فعلاً كان حلم - ليتني ما صحوت منه - في مدينة فاضلة . مدينة تتمسك بأخلاقها وتقاليدها ولا تهرب منها لأنها ماضي أصبحت تراه جاهلاً ..
يا سادهـ إنسان بلا ماضي هو إنسان جاهل بلا مستقبل ؛ والتقاليد تقول أن هناك أشياء لا يجب أن نتركها كي لا نضل الطريق إلي المدينة التي نرجوها وإلي هذا العالم الذي نريد أن نبّدله .. حقاً أردت لهذا الحلم أن يكبر ويكتمل وأن لا أفيق منه إلا وهو حقيقي وواقع ملموس محسوس وليست مجرد ساعات أهرب فيها من ضغوط الحياة وتتكاثر مع كل شروق جديد ..
يا له من عالم مثالي خيالي .
.
.
تحيااتيـ
ب ـقلم
.
عاشق الآلم
ماجد علي
8/3/2007
.
مواقع النشر (المفضلة)