قبل ساعات :- رأيت الموت بعيني!!!!!
- كتبت ما حدث لكي أبين بأن حياة الإنسان ممكن أن تنتهي بـ غمضة عين -
قبل ساعات فقط :
اليوم رأيت الموت بعيني ..
وكما يقال : رأيت شريط حياتي يمر من أمامي ..!
كنت أستغرب من هذه الجملة
شريط الحياة ..!
وكيف له أن يمر من أمامنا ..؟!
لابد من أنهم يبالغون
لكن
ما حدث هذا اليوم
فسر لي ذلك القول بكل دقة
(مجرد ثواني معدوده)
رأيت عمري بأكمله
رأيت الماضي .. رأيت حاضري
ولم أجد مستقبلي
مجرد ثواني .. كانت كفيله بأن تأخذني من هذا العالم
مجرد ثواني .. كانت كفيلة بأن تبعدني عن من أحب
مجرد ثواني .. كانت كفيلة بأن أودع هذه الحياة ...
وبلاعوده
ـــــــــــــــــ
الساعه الرابعه فجراً
عائدون من منزل خالتي كعادتنا متأخرين
أنا و والدتي ..
ووالدي كان هو السائق
على أحد الطرق السريعه (المظلمه) في مدينة الدمام ..
لم نكن مسرعين .. فالسرعه كانت 90 كلم في الساعه
وهي ليست تلك السرعه المعتاده والتي يُسار بها عادةً في الطرق السريعة
وكان والدي يسير في المسار الأيمن
وبهدوء الفجر نحن أيضاً كنا نتحادث بصوتٍ منخفض
فمن منا من غلبه النعاس والإرهاق ولم يعد يستطيع التحدث
ولكي أصدقكم القول هذه أنا
كنت مسنده رأسي للخلف .. وعيناي كانت على الطريق أمامي
وليست كعادتي .. فعادتي أن أغمضهما لآخذ قسطاً من الراحه
بعد عناء يومٍ كهذا .. فمن الدراسه من أجل الإمتحانات التي أصبحت على الأبواب صباحاً
ومن خروجي مع بنات الخالة العزيزة الى إحدى المجمعات التجارية .. ومن ثم العوده لمنزل الخاله
وقضاء الوقت معهم مابين الحديث والضحك والمزاح وتصفحنا للإنترنت
لكن لسببٍ ما كانت عيناي متيقضة لذلك الطريق
الذي إعتدنا المرور فية الشبة يومي
كنت أجلس في المقعد الخلفي الأيسر .. وأنا أنظر أمامي .. مع العلم أن الرؤية لم تكن واضحه تماماً
فالجو بالخارج كان بارداً .. وفي داخل السيارة كان دافئاً بعض الشيء
مما أدى الى تكثف البخار على زجاج السيارة .. فأدى الى صعوبة الرؤية
ونحن نسير ..
رأيت أمامي شيئاً بعيداً لكني لم أعره ذلك الإهتمام
رأيت وكما أنواراً خافته تضعف وتشتد ..!
وكانت أمامنا مباشرة .. لكن كان يفصلنا عن ذلك النور مسافة كافية لا أستطيع أن أجزم منها
كذبت نفسي
وأبعدت عن رأسي أي فكرة
وعزيت ذلك الى إرهاقي وتعبي
وقلت في نفسي : أكيد أتخيل ..!
إطمئنيت قليلاً .. لكن ذلك الإطمئنان لم يدم طويلاً ..!
عـاد ذلك النور الى الشده ثم الضعف فالشده مره أخرى
وكأن شيئاً يدور من أمامنا
نعم ضوء يدور أمامنا مباشرةً
ورؤية مغبرة تصل الى حد السماء
ضوء وصوت
سيارة ..؟!
نعم انها سياره
أمامنا سياره مباشرة
معترضه للطريق بطريقه مخيفه (t)
وأمامنا على المسار الأيمن
منقلبه على جانبها الأيمن .. والجانب الأسفل منها يقابلنا
رأيت كل تفاصيل السيارة من الأسفل
حديد وأنبوبة طويله و دخان .... وعجلاتها العلويه تدور بسرعه غريبه
رأيت السياره وكأنها خلقت من العدم
وكل ذلك في ثواني قليلة جداً
صرخت بأعلى صوتي
يبه سياره سياره
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
خفقان ..توقف .. خوف .. ترقب
لا نفس .. لا حديث
وكأن العالم توقف في تلك اللحظه
لحظات كانت كالساعات
والله لا أبالغ كانت كالساعات
رأيت فيها نفسي
رأيت من حولي
رأيت صوراً وكأنه شريط يمر من أمامي
لا ليس شريطاً
بل صوراً تظهر وتختفي من أمام عيني
أفكار كثيرة .. وتساؤلات أكثر
كان أهمها :
صليت ..
صليت العشاء ولا لاء..؟
-صليتها لكني لم أتذكر حينها-
طيب وش آخر شي سويته ...؟
وش آخر شي قلته ...؟
لازم أقول شي اللحين
ياربي وش أقول ..
وش أقول ..؟
توالت علي الأسئلة والصور
وكان الشخص الوحيد الذي رأيت صورتة غيري ...
هي أختي
التي أحبها كثيراً
كم طال غيابها عنا
في تلك اللحظة علمت بمدى حبي الشديد لها .. ومدى إشتياقي إليها
عندها عدت الى أرض الواقع .. وكأن ذلك الشيء إنزاح عن عيناي
أمي وأبي أمامي في المقاعد الأماميه
يجب أن أحميهما لكن كيف ..؟
أريد ان أفعل شيئاً لكن كيف ...؟
كنت جالسه وراء والدي .. فمددت يداي وأمسكت بكتفي والدي
لا أدري ما كنت فاعله ..!
هل سأحميه بتلك الطريقة ..؟!
أم أنني كنت خائفة وأريد الإحتماء والأمان فوجدته بوالدي ..؟!
مابين كل تلك الأشياء - لا أدري متى - صرخت منبهة لوالدي بأمر السياره
لكن صمتي دام طويلاً ..
لِمَ لم أصدق نفسي حين رأيت الأنوار تدور..؟
لمَ لم أتكلم حين لمحتها لأول مره ..
لِمَ لم أخبرهم بشكوكي منذ البداية ..
لِمَ الإنتظار ..؟
لِمَ الصمت .. لِمَ السكوت ..
أحمد الله على أن من كان يسوق بنا هو أبي وليس أحد السائقين أو أحد إخوتي
الذين مازلت أراهم مبتدئين أمام والدي ..
أبي بصمت ولم ينطق حتى بهمسة ..
مسك المقود بكل قوة فقد عجز عن الفرامل التي لن تفيد مع تلك السياره
الشامخه أمامنا مباشره ..
أدار المقود فانحرفت السياره بكل قوة ناحية اليسار ... ثم أعادها ناحية اليمين
أثناء تلك الإنحرافتان
إقتربنا من تلك السياره المستعرضة كثيراً
وكانت المسافه بيننا وبينها أقل من نص متر حتى
ومع أن النوافذ كانت مغلقة إلا أني سمعت صوتاً غريباً ومخيفاً
ذلك الصوت الذي يكونه مرور الشيء السريع
صوت أحسست بقوتة ...!
-لا أستطيع وصفة-
أبي إستطاع أن يسيطر على السياره ولله الحمد
بعكسنا نحن .. فلم نستطع أن نسيطر على قلوبنا
فكانت تدق في صدورنا بقوة ..
وحتى أني سمعت دقات قلبي لأول مره ..!
إبتعدنا قليلاً عن السياره المجهولة الهوية
لم نعرف نوعها أو حتى لونها فقد كانت الناحية السفلية منها هي التي تواجهنا
وهذا ما زاد الأمر رعباً
فكم تملك السيارات من تفاصيل مخيفة من أسفلها .. صدقوني
أحسست وكأني أرى وحشاً أمامي لا سياره مثل التي أركبها ..!
زاد الخفقان عندما سرنا عنها وصعوبة التنفس إزدادت أيضاً
وأنا أردد : ياربيه يالله .. بسم الله
وألتفت الى الوراء لأرى ماكنا سنصطدم أو نرتطم به
لأرى ذلك الدخان والغبار .. وقد حجبا عني الرؤيه سريعاً
حتى أن والدتي قد أغمضت عينيها عند إقترابنا من السيارة
فضنتها جداراً (صبه خرسانيه) ...!
لم تستوعب حينها .. كما كنا نحن جميعاً أنا ووالدي
لم نعي ما قد حدث .. لم نعي ماكان من الممكن أن يحدث لنا لولا رحمة الله
أخذ والدي يبطىء شيئاً فشيئاً ..
مردداً : أذكروا الله
ثم أمرني أن بأن أتصل بالمرور وأن أعطيه الجوال بسرعه
نفذت طلبه ..
وأعطيته والدي الذي كان مشغولاً في الرؤية الى الخلف خوفاً على أن يحدث
لغيرنا ماكان من الممكن أن يحدث لنا ..
لكن موقع تلك السياره لم يمكن والدي القدره على التوقف والتحذير
لأنها كانت على جسر .. ولا يوجد مكان آمن لنتوقف فيه
قام أبي بالبلاغ للشرطة التي ستتكفل بالأمر من عندها ..
ــــــــــ
لحظات عصيبة لله الحمد مرت بسلام
لحظات تبعتها ساعات من التوتر ... الى حد هذه اللحظه
فالنوم الذي كنت أحس فيه عند ركوبي السياره
أقل ما يمكن القول عنه أنه
طــار ..!
__________________________
وأنا أكتب الآن .. وأنا أتذكر تلك اللحظات العصيبة
تلك التي لم تدم سوى لثواني معدوده
أحسست ببرودة الأطراف .. وأن قدماي لا تقوى على حملي
أحسست بعظم الموقف .. أحسست بماذا كان من الممكن أن يكون ولم يكن ..!
كان من الممكن أن أموت ببساطة ..!
أن أختفي من هذا العالم بكل هذه البساطه ..!
بفرق نصف متر .. بفرق ثانية واحده
كان من الممكن أن أكون ... في خبر كانَ ..!
أمور كثيرة إستوعبتها من هذه التجربة .. أمور كثيرة إستحقرتها بعد هذه التجربة
أمور زادت محبتي لها وحرصي وإهتمامي بها .. وأمور تعاكسها تماماً
والقدر مقدر ..
فلم يكن في نيتي أن أعود مع أهلي الى بيتنا
فقد وعدت إبنة خالتي الصغيرة بأن أقضي الليلة عندهم
ولكن شيء في آخر لحظة .. جعلني أغير رأيي
وأن أعتذر منها .. وأصاحب والدتي الى منزلنا
السبب لم يكن الدراسه
ولا النوم
بل هو شيء آخر .. لا أدري ماهو
ربما هو قدري أن أخوض هذه التجربه ..!
هذا كل ما أستطيع ذكره الآن .. فأنا والى هذه اللحظة وبعد مرور مايقارب الأربع ساعات
مازلت أشعر بالتوتر وأن فكري مشوش ..
__________________
مواقع النشر (المفضلة)