“الشورى” وصف حيوي وقاعدة اساسية لربانيي اليوم كما كانت للورثة الاولين فهي في القرآن أبرز علامات المجتمع المؤمن وأهم خصوصيات الجماعة وقد نبه المولى تعالى إلى أن الشورى تترادف مع العبادة وبهذا الاعتبار لا يعد المجتمع الذي يهمل الشورى مجتمعاً متكاملاً، فالشورى شرط أساسي لامكان اقرار الرأي الصائب في مسألة من المسائل وقد ظهرت كثيرا النتائج الوخيمة والهزيلة للقرارات المتعلقة بالفرد أو المجتمع ما لم يمحص بآراء الآخرين، وان من ينحصر في رأيه ولا يعتد بآراء غيره مهما كان رفيع الفطرة وعالي الذكاء يتعرض الى أخطاء وزلات أكثر مما يتعرض لها انسان آخر متوسط المواهب ينفتح في آرائه بالمشورة فالإنسان الأعقل هو الأعظم اعتدادا والتزاما بالمشورة واستفادة من أفكار الآخرين ولا ينجو الذي يكتفي في عمله وبرامجه بأفكاره أو يسعى لفرضه على غيره من فقدان قدرة حركية مهمة وزد على ذلك نفورا وكرها واستثقالاً يلقاه ممن حوله لا محالة.
فالمشورة هي الشرط الأول لاستحصال امرئ خير حاصل من كل عمل يعمله، كذلك هي الوسيلة المهمة لاستمداد قدرة تزيد على قدرته وطاقته اضعافا مضاعفة.
فينبغي إجراء أوسع استشارة وتحر قبل مباشرة عمل من الأعمال والجد في الاخذ بالاسباب والتدابير حتى نتجنب الوقوع في تصرفات مضرة تضاعف المصيبة في النتيجة، ولا مفر من الندم وانكسار الخاطر ما لم يتدبر في عاقبة الأمر ويستشار أهل المعرفة والخبرة قبل العزم على العمل وكم من عمل خاض فيه من خاض من غير رؤية فلم يمضوا فيه غير خطوات ثم ارثهم الانكسار والانكفاء في انفسهم وضعف الخطوة والاعتبار عند غيرهم والقاعدة في الاسلام كنظام والشورى من أهم القدرات الحركية لقيامه ودوامه فهي أهم العناصر في حل المسائل المتعلقة بالفرد والمجتمع والشعب والعلم والمعارف فيما لم يرد فيه نص صريح والكلام عن الشورى يتطلب الكلام عن المستشارين بالضرورة، فلا بد اختيار الناس الذين نطلب مشورتهم من الطبقة الواعية المدركة المستوعبة للأمور المستشارين فيها حتى لا نقع في خطأ الأخذ بالرأي في غير محله فمثلا عندما أصاب بمرض ما لا بد من استشارة طبيب وليس استشارة من هم أكبر سنا أو لديهم خبرة في هذا المجال لأن الطبيب أعلم بهذه الأمور من غيره لأن مجال دراسته وعلمه ينحصر في هذه النقطة أيضا أمور كثيرة لا بد لنا من التشاور فيها مع من لهم تخصص وعلم فيها أكثر من استشارة فقط من نحبهم ليدلوا لنا بآرائهم وفق أهوائهم من منطلق محبتهم فبذلك نسعى حثيثا لكي نستخلص الأمور الأكثر جدية وموافقة لمصلحة الفرد الجماعة من مصلحة فرد منفصل عن الجماعة.
مواقع النشر (المفضلة)