ما أبهظ ثمن الفرح في هذا الزمان.. وما أروع لحظاته إنها كالغيث تنزل علي صحراء أعماقنا العطشي فتزهر كل المساحات القاحلة بنا.. إنها تلوننا.. تغسلنا.. ترممنا تبدلنا.. تحولنا إلي كائنات أخري.. كائنات تملك قدرة الطيران فنحلق بأجنحة الفرح إلي مدن طال انتظارنا واشتياقنا لها.
الحزن... ذلك الشعور المؤلم.. وذلك الشعور المؤذي وذلك الشعور المقيم فينا اقامة دائمة.. فلا نغادره.. ولا يغادرنا يأخذنا معه إلي حيث لا نريد.. فنتجول في مدن ذكرياتنا الحزينة ونزور شواطيء انكساراتنا.. ونغفو.. نحلم بلحظة أمل تسرقنا من حزننا الذي لا ينسانا.. ومن قلوبنا التي لا تنساه.
حنيننا.. احساسنا الدافئ بالشوق.. إلي إنسان ما.. إلي مكان ما.. إلي إحساس ما.. إلي حلم ما.. إلي أشياء كانت ذات يوم تعيش بنا ونعيش بها.. أشياء تلاشت كالحلم.. مازال عطرها يملأ ذكراتنا.. أشياء نتمني أن تعود إلينا.. وأن نعود إليها.. في محاولة يائسة منا.. لاعادة لحظات جميلة وزمان رائع أدار لنا ظهره ورحل كالحلم.
في داخلنا احساس بأنفسنا هناك أشياء كثيرة نتمني أن نعتذر لها أشياء أخطأنا في حقها.. أسأنا بالذنب ورغبة قوية للاعتذار لهم.. وربما راودنا الإحساس ذات يوم بالحنين إليهم.. وربما تمنينا من أعماقنا أن نرسل إليهم بطاقة اعتذار أو أن نضع أمام بابهم باقة ورد ندية.
عندما نصاب بالذهول.. ندخل في حالة من الصمت.. ربما لأن الموقف عندها يصبح أكبر من الكلمة.. وربما لأن الكلمة عندها تذوب في طوفان الذهول... فنعجز عن الاستيعاب ونرفض التصديق.. ونحتاج إلي وقت طويل كي نجمع شتاتنا ولكي نستيقظ من غيبوبة الذهول.. التي أدخلتنا فيها رياح الصدمة.
ما طعم الندم؟.. وما لون الندم؟.. وما آلام الندم؟ اسألوا أولئك الذين يسري فيهم الندم سريان الدم أولئك الذين أصبحت أعماقهم غابات من أشجار الندم أولئك الذين يحاصر الندم مضاجعهم كالوحوش المفترسة أولئك الذين يبكون في الخفاء كلما تضخمت فيهم أحاسيس الندم ويبحثون عن واحة أمان يسكبون فوقها بحور الندم الهائجة في أعماقهم.
في حالات كثيرة ينتابنا الغضب.. فنغضب ونثور كالبركان ونفقد قدرة التفكير.. ويتلاشي عقلنا خلف ضباب الغضب وتتكون في داخلنا رغبة لتكسير الأشياء حولنا.. فلا نري ولا نسمع سوي صرخة الغضب في أعماقنا.. وكثيرا ما خسرنا عند الغضب أشياء كثيرة نعتز بها.. وتعتز بنا ثم نستيقظ علي بكاء الندم في داخلنا
مواقع النشر (المفضلة)