[align=center]
بسم الله الرحمن الرحيم
إهداء
إلى من تاهت نفسها على درب الشهوات
وتاقت إلى الاغتراف من الحرام
وفجأة .. أنكشف الغطاء...
فأبصرت الدرب
ولاح لها من بعيد نور الرضا
وحلاوة القرب
فاهتدت ..
ــــــــــ
مجاهدة النفس ..
لا أخفيكِ فموضوعي موجه للناس عامة لكنه لكِ خاصة
فأنا أراكِ تعانين من مشكلة أنكِ ضعيفة أمام نفسك فلا تقدرين على مقاومتها وكلما تطلب منكِ طلبا تنفذينه لها ..
يمكن أن تطلبين سماع الأغاني أو ارتكاب المعاصي أو الذنوب أو أشياء كثيرة أنتِ أعلم بها ولكنكِ لا تعرفين كيف تقاومينها فليس لديك أي طريقة أو تصور للسيطرة على الشهوات نفسك
وهذه السيطرة والتحكم والتعامل لها تعريف في ديننا اسمه ( مجاهدة النفس) ..وليس ( جهادا ) لأن كلمة مجاهدة أعمق من كلمة جهاد ..
ما هي مجاهدة النفس ؟ وماذا تعني ؟ وكيف نفعل هذا؟
للأسف فمن شدة غياب هذه المعاني عن نفسك أصبحتِ عملية المجاهدة لديك صعبة جدا ..
في البداية .. لابد أن نعرف كلمة مجاهدة ونعرف كلمة نفس حتى نجمعها معا ونفهم عما نتكلم ..
مجاهده .. في أصل اللغة جاءت من كلمة جهد يعني بذل الجهد أو استفراغ الطاقة إذن مجاهدة النفس معناها بذل الطاقة واستفراغ الجهد في مقاومة شيء معين يعني انكِ تفطمين نفسك عن شهواتها
هل تعرفين فطام الرضيع ؟
أي أن يبكي لأنه يريد أن يأخذ كذا وكذا ولكن أمه لا تعطيه شيئا وهذا معناه في حياتنا المعاصرة أن تفطمين نفسك وتنازعيها عن شهواتها
مثلا تقولين جميع صديقاتي يلبسون فساتين جميلة لكنها اقرب للعراء فتقولين لا سأكون متماسكة ولن أقلدهم حتى لو عيروا ملابسي .. أيضا نفسك تراود أن تذهبي لذلك المكان وأن تعملي تلك المعصية فتقولين لا لن أفعل هذا ..
ما هي أنواع الأنفس ..
ربما تسأليني ما معنى أنواع الأنفس ؟ أليست نفسا واحدة ؟
النوع الأول .. النفس الأمارة بالسوء : وهذا نوع من أنواع الأنفس وهذه النفس التي تدفع صاحبها إلى فعل كل ما يغضب الله يعني تسيطر على صاحبها دائما وتدفعه إلى كل شيء يؤدي إلى المعصية فهي لا تقاوم المعصية (( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء))
أتذكرين قصة امرأة العزيز وكيف وصلت لدرجة الحيوانية والشهوانية عندما اتبعت نفسها وراودت فتاها وعندما واجهوها قالت (( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء))
الآن قولي لنفسك وسأقولها معك
هل يمكن أن أكون هذه ؟ فلو كنت هذه فإنها مشكلة وكارثة ..
النوع الثاني النفس اللوامة : حين يرتكب الإنسان معصية تجعله يفكر كيف فعلت هذا ؟ ولماذا .. أنا لن أكرر هذا الفعل مرة أخرى فهي النفس التي كلما تقع في سيئة بحكم أنها بشر يحدث لها نوع من الضيق والشعور بالخطيئة والشعور بخشية الله عزوجل (( لا أقسم بيوم القيامة , ولا أقسم بالنفس اللوامة ))
ولتلاحظي هنا عجبا وهو علاقة يوم القيامة بالنفس اللوامة في القسم
ذلك أن هذه النفس تذكر دائما يوم القيامة فمن علاج النفس لكي تتحول من نفس أمارة بالسوء لنفس لوامة أنها تذكر يوم القيامة فتقولين لنفسك : أنت ستقابلين الله أنت ستقفين بين يدي الله عزوجل
النوع الثالث .. النفس المطمئنة : وهي التي عندها خوف ورجاء من الله راضية مستقرة ولقد سماها الله المطمئنة لأن كل الناس حيارى حولها وهي الوحيدة الراضية فكل الناس حولها عندهم مشاكل وقلق ورعب ولكنها مطمئنة ,.,, آه لو تعيش نفسكِ مطمئنة !!
(( يا أيتها النفس المطمئنة , ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ))
النوع الرابع ..وهو النفس الغافلة : وهي أخطر الأنواع فهي غير جادة فصاحبها ليس من الضائعين العصاة الفجرة أصحاب النفس الأمارة بالسوء وليس من الطائعين الحريصين على طاعة الله وليس من أصحاب النفس اللوامة التي تلومه عندما يعصي فهو سارح في الدنيا يفعل ما يشاء مثلا : هي بنت طيبة وأخلاقها جيدة وتربت تربية جيدة جدا لكن إذا نظرت إليها من الداخل أين هي من الله ليست عاصية وليست طائعة فهي تائهة
سأٌقول لكِ شيئا ... هل تصدقين أن توبة هذه النفس الغافلة أصعب من توبة النفس الأمارة
فالعاصي بعد قليل يريد ان يتوب فهو طوال النهار يفعل كذا وكذا فلقد تعب من هذه المعاصي فالمعاصي لها ذل وأرق ونكد أما الغافل لا يتوب وذلك لأن الشيطان يضحك عليه دائما ..
والنفس الغافلة من أصعب أنواع النفس كما قلت لكِ وللأسف هي السواد الأعظم من الناس فأناس كثيرون ليسوا فجرة وعصاة وليسوا عبادا طائعين فأغلب الناس تائهين ..
يا ترى ... من أي نوع أنتِ ؟ هل من النفس التي تغلبها معصيتها وشهوتها فلا تعرفين كيف تقاومين شهوتك كأنك أسيرة لها فهي تمسكِ من رقبتكِ وتذهب بك أينما تريد وأنت ليس لكي شخصية ولستِ حرة فأنتش عبدة لهواكِ وعبدة لشهواتكِ
قال تعالى ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا )
صدقيني يا حبيبتي في الله أن النفس قابلة للتغيير ولكن الأمر يحتاج إلى مجاهدة وصدق وإصرار يحتاج إلى مجرد لحظة صدق تنوين معها أن تكملي حياتك كلها لله عزوجل ..
ولك في عمر بن الخطاب رضي الله عنه مثال كان يريد قتل الرسول صلى الله عليه وسلم ولما علم ان حفصة أسلمت ذهب ليقتلها وضربها في خدها حتى أقتلع قرطها من أذنها وشق شفتها أليست هذه نفس صعبة أن تتبع نور الله
وما أن سمع قوله تعالى (( طه , ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى , إلا تذكرة لمن يخشى , تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى ))
بكى عمر وقال فورا ماذا أفعل لأدخل هذا الدين فقالوا له اذهب للنبي صلى الله عليه وسلم فكان الفاروق عمر بن الخطاب
ما هذا الا تسمعين في أربعة وعشرين ساعة انقلب من كافر مشرك إلى مؤمن اعز الله به الإسلام
تستطيعين أن تتغيري ثقي بالله
ربما تسأليني لم لا أجاهد نفسي .؟
* يمكن أن يكون السبب أنكِ لا تثقين ثقة كافية بالله فالله أعطانا عهدا ولكِ أنتِ عهد من الله (( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله مع المحسنين ))
فلابد أن تكون لديك ثقة كافية بالله فربي لن يضيعكِ أبداً أي أنك لو جاهدتِ سيعينك ولا تقنطي من رحمته فهو يريد أن يلمس صدق توبتك
نعم أنتِ صادقة فتصبري
أتعلمين قد حدثتيني ذات مرة عن الشيطان وعن إحساس غريب يدفعك للمعصية
فسؤالي لكِ
أيهما السبب نفسك أم الشيطان ؟!
أتعلمين أن النفس تعرف الذنب الذي يؤثر على الإنسان فلو كان هنالك ذنب يلح عليك فإنها نفسكِ وليس الشيطان أما الشيطان فما همه إلا أن تعصي الله بأي ذنب كان
طبعا هنالك فرق ومهم جدا أن تعرفي الفرق
لا تقولي أن الشيطان هو الذي يسيرك
لا
لا
لا
لا
لا
بل هي نفسك من تسيرك وتريدك أن تعصي فهي تريد معصية بعينها
فتقول لكِ اعملي هذا العمل أريد هذا أريد ان تقومي بهذا الفعل لا غيره أريد ان تسمعي هذه الأغنية انها جميلة انها ممتعة سوف تسعدين أن سمعتيها
اما الشيطان فلا فالشيطان ليس له هدف او غاية في معصية معينة المهم أن تعصي الله
فإن قال لك افعلي هذا فستقولين له لا فسيقول لك افعلي غيره فتقولين لا فيزين لك غيره فتقولين لا
اما النفس فلا فهي تريد شيئا محددا فقط
هل علمتي الآن من يريد لك الهاوية في النار ويريد ان يبعدك عن الجنان ورفقة النبي العدنان
سؤالي لكِ أنتِ
ما الأمور التي تبعد الإنسان عن الله ويعود مرة أخرى لمعاصيه وأيضا ما هي الوسائل التي تثبت الإنسان على طريق الهداية ولا تعيده للمعاصي مرة أخرى ؟
سؤال آخر
ما هي الأشياء التي تعينكِ على جهاد نفسك ؟
في الختام قولي لي
أي نفس تريدين وأي خاتمة تريدين
وكيف تريدين أن تلقي الله
أتريدين أن تلقيه وأنت فرحة مسرورة كما قال تعالى ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )
أم تريدين والعياذ بالله أن تكوني تعيسة مدمرة محطمة بل خائفة مرتعدة وقد شاب رأسك وأمك جهنم وتقولين (( أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت من جنب الله وإن كنت لمن الساخرين , أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين ))
أي نفس تريدين في الآخرة أختاه قولي لي
فو الله إني أريد لك الجنان وأريد لك النفس المطمئنة عينيني على نفسك
وليكن هذا الموضوع نقطة انطلاقة للتغيير
اعلم انك تحبين أن تسمعي قول الله انه راض عنك
لكن الأماني لا تنفع بل لنبدأ سويا من هنا
لكن الأماني لا تنفع بل لنبدأ سويا من هنا
لكن الأماني لا تنفع بل لنبدأ سويا من هنا
أخوكِ
[/align]
مواقع النشر (المفضلة)