[align=center]سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أول هذه المبادئ أو القيم أو المفاهيم التي اهتمت بها السنة المحمدية : اعتبار الصحة والعافية من أعظم نعم الله تعالى، التي يجب أن تقابل بالشكر، المستوجب للمزيد.
يقول تعالى : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (إبراهيم : 7).
وشكر هذه النعمة يتم بالمحافظة عليها، وفق سنن الله في الأسباب والمسببات، والاقتداء بالهدي النبوي في ذلك، فهو خير الهدي وأكمله.
يقول الإمام ابن القيم : ومن تأمل هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وجده أفضل هدي يمكن حفظ الصحة به، فإن حفظها موقوف على حسن تدبير المطعم والمشرب، والملبس والمسكن، والهواء، والنوم واليقظة، والحركة والسكون، والمنكح والاستفراغ والاحتباس، فإذا حصلت هذه على الوجه المعتدل الموافق الملائم للبدن والبلد والسن والعادة، كان أقرب إلى دوام الصحة أو غلبتها إلى انقضاء الأجل.
ولما كانت الصحة والعافية من أجل نعم الله على عبده، وأجزل عطاياه، وأوفر منحه، بل العافية المطلقة أجل النعم على الإطلاق، فحقيق لمن رزق حظا من التوفيق مراعاتها وحفظها وحمايتها عما يضادها.
وقد روى البُخاريُّ في " صحيحه " من حديث ابن عباس، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ » (رَواهُ البُخاريُّ ).
وفي التّرمذيُّ وغيره من حديث عبيد الله بن محصن الأنصاري، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « من أصبح معافيً في جسده، آمنا في سربه، عنده قوت يومه... فكأنما حيزت له الدنيا » (رَواهُ التّرمذيُّ )
وفي التّرمذيُّ أيضًا من حديث أبي هُريرةَ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : « أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم، أن يقال له : ألم نُصح لك جسمك، ونروك من الماء البارد » (رَواهُ التّرمذيُّ)
ومن ها هنا قال من قال من السلف في قوله تعالى : (ثُمَّ لَتُسئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (التكاثر : 8 . قال : عن الصحة.
وفي مسند أحمد وغيره عن أبي بكر الصديق : قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : « سلوا الله اليقين والمعافاة، فما أوتي أحد بعد اليقين : خيرًا من العافية » (رَواهُ أحمد )، فجمع بين عافيتي الدين والدنيا، ولا يتم صلاح العبد في الدارين إلا باليقين والعافية، فاليقين يدفع عنه عقوبات الآخرة، والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا في قلبه وبدنه (زاد المعاد (214/4-216) ط. الرسالة).
وروى النسائيُّ من حديث أبي بكر أيضًا : « سلوا الله العفو والعافية والمعافاة، فما أوتي أحد بعد يقين خيرًا من معافاة » (رَواهُ النسائيُّ) .
وهذه الثلاثة - كما قال ابن القيم - تتضمن إزالة الشرور الماضية : بالعفو، والحاضرة : بالعافية، والمستقبلة : بالمعافاة، فإنها تتضمن المداومة والاستمرار على العافية.
البسني الله واياكم ثوب الصحة الوافيه
دمتم بحفظه
همسة العسكري[/align]
مواقع النشر (المفضلة)