ليس هنالك وظائف خاصة مقصورة على الذكور، ووظائف مقصورة على الاناث. هنالك بعض الأعمال تحتاج الى قوة عضلية، يمكن أن تتحكم بطبيعة العمل، وهي نادرة جداً. إن طبيعة عمل الرجل في الخمسة عقود الأخيرة شكلت نوعا من تحمل المسؤوليات البيتيه، مما أدى الى توزيع الأعمال المنزلية. كان آنذاك حصراً على الرجل بأن يعمل خارج البيت لإعالة عائلته، والقيام بكافة المصاريف المترتبة نحو العائلة. وكان متعارف بأن تقوم الزوجة بأعباء المنزل كاملا. وكان الزوج يحضر الى البيت، ويجد كل شيء معدا له. وفي أوقات فراغه كان يغادر البيت ليقضيه مع شلة الأصدقاء في المقاهي أو الأندية أو المتنزهات.في بداية السبعينات اختلف هذا النظام شبه الروتيني سواء داخل البيت أو خارجه، كما أن الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ساهمت في تغيير الروتينيات. إن تعليم المرأة أصبح من الأساسيات الضرورية للنهوض في المجتمع. لأن المرأة المثقفة تصبح أماً مثقفة، ومواطنة معطاءة لوطنها، وعضوة نافعة لمجتمعها، وانسانة لها كيانها وشخصيتها وفعالة في بناء الوطن. لذا أقبل الآباء والامهات على تعليم بناتهم، مثلها مثل اخوتها الذكور. وكان هذا الشعور يعوض الأمهات بصورة خاصة عما فاتهن، وحرمن من التعليم العالي. كان في البداية تعليم الإناث في الكليات والجامعات مصحوراً على الأدبيات والعلوم الاجتماعية، والإنسانيات ليعملن في سلك التربية والتعليم، او في اعمال السكرتارية. ولوحظ في العقدين الأخيرين بأن الإناث أقبلن على خوض كل مجال العلوم التطبيقية، واصبحن ينافسن الذكور في هذا المجال، وحتى أن بعضهن سبقن الذكور. هذا الإقبال على التعليم العالي، مع غلاء المعيشة، وعدم قدرة الرجل على تحمل كافة الأعباء البيتيه، ولأجل أن تثبت المرأة على قدرتها الجسدية والعقلية والاقتصادية والاجتماعية، ولصقل مكانتها في المجتمع كعضو فاعل، ولها استقلاليتها وشخصيتها، كل هذه العوامل دفعت المرأة للنزول إلى ميدان العمل كزميلة للرجل. يعملان معاً لبناء اسرة وبناء مجتمع متكامل، وبناء وطن. اصبحت المرأة شريكة فعالة في العمل والمساوة وصنع القرار.
ان تكوين الأسرة في مرحلة عمل الزوجين، وقضاء جزء كبير من وقتهما خارج البيت وغير انماط المسؤوليات البيتية. فأصبحت المرأة العاملة غير مسؤولة وحدها على التدبير المنزلي. فهذا التغير ألزم الزوج على المشاركة في العمل داخل البيت واجبره بالقيام ببعض المسؤوليات البيتيه. واذا نظرنا الى مفهوم الشراكة بين شريكين في مصلحة واحدة. نجد بأن أول ما يدرج على قائمة المسؤوليات والواجبات هو عملية تنظيم وتوزيع المهام على الشريكين. كل مسئول بالمهام الموكلة له. وفي حين تغيب او سافر او مرض احد الشركاء، فتنتقل تواً المسؤولية للشريك الثاني، لأن المصلحة تتطلب ذلك. وكما أننا اتفقنا بأن الزواج هو مشاركة الزوجين في البيت وخارجه، فينطبق هنا مبدأ الشراكة التي تحدثت عنها سابقا. وأحب هنا بأن أضرب مثلاً عن تجربة مررت بها مع السيدة زوجتي عندما تروجنا كانت زوجتي معلمة في احدى المدارس الثانوية، وكنت انا انذاك اعمل في ملاك احدى الجامعات.. كنت اساعد زوجتي في كل أعباء البيت وكنا في أيام العطل نستيقظ معاً ونبدأ بتنظيف البيت كاملاً كنا نبدأ معاً وننتهي معاً. وبعد فترة تحسنت أمورنا المالية، وكان في مقدورنا بأن نحضر مساعدة لأعمال البيت حينئذ، توقفت عن المساعدة داخل البيت، وانصرفت أقوم بما أريده وأرغبه ان القصد من سرد حكايتي هي، لأقول الى الذكور الذين تعملن زوجاتهم، ما دمت غير قادر على احضار مساعدة لتقوم باعباء البيت، فيجب عليك بأن تشمر عن ساعديك، وتهتم في مساعدة الزوجة، ولا أن تقول «ليش أنا تزوجتك» هذا التصرف يجعل جواً من التفاهم بين الزوجين، وتزداد نظره الاعجاب الزوجة لرجلها، وتقدره جداً، وتحترمه. هذا بالإضافة الى الصورة الحقيقية التي تنغرس في عقول صغارها.
وأرجو هنا بأن أذكر المرأة العاملة بشيء هام جداً. سيدتي يمكنك أن تعملي أي عمل يقوم به زميلك الرجل، تتسلقين العمارات الشاهقة، تقودين أكبر الطائرات، تطلعين الى القمر، تحاربين بجانب الرجل، لايعيقك أي شيء، ولكن نصيحتي لك، لا تفقدي انوثتك في زحمة أعمالك، وتترجلين أكثر من اللزوم stay feminie : ما أقول للرجل، بأنه في امكانك ان تضع مريولا في البيت، وتطبخ، وتجلي الصحون، وتمسح الأرض، وتغير لطفلك، وحتى أن تنشر الغسيل، ولكن نصيحتي هو أن تحافظ على رجولتك ولا تفقدها stay masculine .
ايها الرجل. إن تعليم المرأة أصبح من ضروريات الحياة. لعاملين هامين: العامل الأول هو حق المرأة في التعليم، وحقها في العمل. السبب الثاني هو بأنها ستصبح أماً، تربي أطفالها، وتعلمهم، وتهذبهم، وتبني جيلاً مثقفاً خلوقاً إذا ارادت بأن تساعد في تكاليف الحياة البيتية، فهي مؤهلة علمياً لتفعل ذلك أما إذا لا ترغب في العمل، فستكون متطوعة مؤهلة ايضا لخدمة المحتاجين، وانشاء الجمعيات التعاونية، والمساهمة في بناء الوطن، والمشاركة في التجمعات النسائية سياسياً، اقتصادياً، ثقافياً، واجتماعياً، لتكون صانعة قرار جنباً إلى جنب مع الرجل.
مواقع النشر (المفضلة)