ثقافة الهم
يشعر الإنسان في كثير من أمور حياته , وفي كثير من أوقاته بشيء من الهم , ولا شك أن الكثير يشعر في ذلك الحين أن هذا الهم الذي ابتلاه الله به قد بلغت شدته وقسوته , وكأن الله لم يبتل من الناس إلا هو , وانه مهما بحث في أرجاء المعمورة فلن يجد من هو أشد بلاء منه .
هذا الشعور في الحقيقة ينتابني , ولم أجد له تفسيرا ولكن الحل موجود !!
وها هنا موطن العجب , كيف لا أعجب وهذا شعور أغلب من أصيبوا بالهم ؟!
ومن هذا الذي لم يصب بهم في حياته ؟ هذا المولى جل شأنه يقررها عند قوله : ((لقد خلقنا الإنسان في كبد )) يقول الراغب في مفرداته : الكبد : المشقة .
وهذا تنبيه أن الإنسان خلقه الله تعالى على حاله بحيث لا ينفك من المشاق ما لم يقتحم العقبة , ويستقر به دار القرار كما قال تعالى : (( لتركبن طبقا عن طبق )).
ولا ازعم أني قد ترفعت بنفسي عن التضايق من كثير من هموم الحياة فالإنسان مهما بلغ يصيبه الضجر , ولكن كل بحسبه وبحسب معرفته بالله وصلته به جل وعلا .
والدين الإسلامي لم يغفل هذه الحقيقة التي وجدت بين بني البشر لم يلغها ولم يغفلها , بل رتب الأجر على الهم الذي يصيب المرء وجعل له علاجا ناجعا بإذن الله ؛ هو كثير من الأدعية والأذكار علمنا إياها الله عز وجل أو جاءت على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بل والأعلى من ذلك كله أن جعل من أركان الإيمان ذلك البلسم الشافي أن تؤمن بالقدر خيره وشره , وأن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك , وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك .
وهكذا نرى أن الله جل شانه من تمام قدرته وحكمته أن جعل الهم ليختبر به عباده , ويكفر عنهم سيئاتهم بل ويرفع لهم درجاتهم وأعظم الهم بلا شك من اخذ على عاتقه هم هذا الدين وتبليغه للبشرية جمعاء ونصرة هذا الدين بكل ما في وسع هذا الإنسان .
فاللهم نسألك أن ترفع هم المهمومين وتكشف كرب المكروبين , لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين .
عبد العزيز العماري
منقول من مجلة مواكب التي تصدر عن الجمعية الخيرية لتحفيظ القران الكريم بمحافظة جدة العدد 24
مواقع النشر (المفضلة)