[frame="10 80"]لم يحتل جزء فى الجسد الإنسانى مثلما أحتلت العين فى التراث العربى نثره وشعره وحكاياته .. ولقد كان لطبيعة الحياة العربية القديمة أثرا كبيرا فى ظهور ما يسمى بسلوك العين سواء على مستوى اللغة او الإشارة .
فالبيئة العربية القديمة ، نلك الصحراء الواسعة القليلة الماء والزرع فرضت على الإنسان العربى طريقة للعيش ، حيث القبائل المتفرقة والمقفولة على أعضاءها .. شديدة العصبية لتقاليدها التى تتناقلها جيلا بعد جيل ، محافظة على شرفها وأنسابها ..
وشرف العربى هو حياته ، لا شيىء يحل محله سوى الموت .. هذا شرط للجياة داخل القبيلة ، يتقيد به الكبير و الصغير .. الأمر الذى فرض أنماطا سلوكية على شكل الحياة داخل القبيلة وخاصة على المرأة فجعلتها تبدو كأنها تتحرك داخل حصن منيع .. ولأن الإنسان خلق بغرائزه ، وفى قلبه وضع الله حكمة الإرتباط بالمرأة ، كان لابد من اختراق هذا " التابو " بوسيلة اتصال غير محسوسة .. وسيلة لايراها إلا المعنى بها .. هكذا كانت العين التى شكلت جزءا هاما فى التواصل الإنسانى الفعال وكانت صاحبة تلك اللغة الخاصة من لغات الجسد التى ساعدت على التواصل غير اللفظى فى الذات العربية .
وجاءت أشعار العرب تعبر عن هذه اللغة الخاصة بدلالاتها النفسية الإجتماعية . وتناولتها الدراسات الكثيرة بوصفها لغة غير لفظية .. كما أسهم المستشرقون فى ذلك إسهاما وافرا ، فقدم " آلن بيز " فى كتابه " لغة الجسد " فصلا عن إشارات العين مبينا أن هناك أساس حقيقى للإتصال ينشأ عندما تنظر العين لعين شخص آخر ، ومؤكدا على أن 87 % من المعانى تأتى عن طريق العين ، و 9 % عن طريق الأذن ، و 4 % عن طريق سائر الحواس .
وفى أجمل ما قيل عن كلام العين ، حيث امتزاج الإشارة بالكلمة بالصوت ، فتبدو لغة العين وكأنها لغة حقيقية تسمع وترى كما فى قول عمر ابن أبى ربيعة :
أشارت بطرف العين خيفة أهلهـا إشارة محزون ولـم تتـكلم
فأيقنت أن الطرف قد قال : مرحبا وأهلا وسهلا بالحبيب المُتيم [/frame]
مواقع النشر (المفضلة)