تواجه صناعة السفن الخشبية التقليدية مخاطر اندثارها في حين تقف على مشارف النسيان وضياعها من ذاكرة الأجيال المتلاحقة جراء غياب الاهتمام الكافي .
مراقبون ومعنيون بالشؤون التراثية في رأس الخيمة حذروا من مغبة إهمال هذا التراث الحضاري المشرف والضارب الجذور في تاريخ منطقة الخليج العربي برمتها حيث يعكس وجوها وأبعادا حضارية أصيلة المنطقة ويكشف عن تاريخ صناعي متجذر بالغ الحرفية والإبداع والدقة يتمثل في صناعة السفن الخشبية القديمة والكبيرة الحجم، هذه السفن لعبت دورا محوريا في تاريخ المنطقة والتحولات الاجتماعية والاقتصادية والمدنية في نطاقها من خلال نقل الأهالي والبضائع بل والأفكار والثقافات لتلعب دور جسور التواصل بين شعوب المنطقة والعالم على غرار الدور بالغ الأهمية الذي تلعبه وسائل الإعلام والاتصال اليوم.
عدد من المشتغلين في حماية التراث المحلي لفتوا إلى تقلص أعداد صناع وبناة السفن الخشبية التراثية على امتداد السنوات الماضية في ظل إحجام الأجيال الحديثة عن تلك الحرف والمهن الصناعية الأصيلة في حين يتركز اهتمام وبرامج بعض الجمعيات التراثية المختصة على محاور ومجالات تراثية أخرى وتعاني بينها صناعة السفن القديمة من الإهمال والتهميش رغم ما تنطوي عليه من تراث أصيل يعكس صورة حضارية ناصعة للوطن وأبنائه تثبت قدرتهم على الإبداع والإنجاز والمساهمة في تعزيز مكتسبات الحضارة الإنسانية لاسيما في الحقل الصناعي.
إن الخطر الذي يواجه تراث صناعة السفن يتمثل في رحيل عدد كبير من رواد صناعة السفن من “الشواب” والمخضرمين من رجالات الرعيل الأول ولم يبق منهم على قيد الحياة ممن لا يزالون قادرين على ممارسة مهام ومتطلبات مهنتهم وحرفتهم الأثيرة إلى النفوس سوى عدد محدود من أبناء الوطن في مختلف إمارات الدولة ويحتم ذلك العمل الجاد والسريع لإنقاذ هذا التراث الذي يحمل في طياته تاريخنا ومعالم من هويتنا وخصوصيتنا الحضارية حيث لا تشكل تلك السفن مجرد مجموعة من ألواح الخشب الصماء بل تنطق بثقافة أبناء الخليج وتقاليدهم وروح وملامح آبائهم وأجدادهم ممن خاضوا غمار بحار العالم على ظهرها وقارعوا أمواجها على ظهور تلك السفن متحدين الخطر المتربص في سبيل الرزق وبناء الوطن.
مواقع النشر (المفضلة)