حكم ابن المقفع
كان ابن المقفع رائد الحكمة في عصره غير مدافع و لا منازع. يرصع بها قوله، و يجمل بها أسلوبه. و لا تزال حكمه و أمثاله خالدة على الأيام تتجلى فيما تبقى من آثاره و لا شك أن ثقافته الفارسية و اليونانية كان لها الأثر الأكبر في ذلك و تفيض كتبه بالأمثال و الحكم.
في الأدب الصغير
* العلم زين لصاحبه في الرخاء، و مَنجاة له في الشدة.
* بالأدب تعمر القلوب و بالعلم تستحكم الأحلام.
* الورع لا يخدع ، و الأريب لا يُخْدَعُ
* أصل العقل التثبيت، و ثمرته السلامة، و أصل الورع القناعة و ثمرته النُّجْحُ.
* سمعت العلماء قالوا: لا عقل كالتدبير، و لا ورع كالكف، و لا حَسَبَ كحسن الخُلُق، و لا غنى كالرضا، و أحق ما صُبِر عليه ما لاسبيلَ إلى غيره، و أفضل البر الرحمة و رأس المودة الاسترسال ـ الاستئناس ـ و رأس العقل المعرفة بما يكون و لا يكون.
* لا يتم حسن الكلام إلا بحسن العمل، كالمريض الذي قد عَلِمَ دواءَ نفسه، فإذا هو لم يَتَدَاوَ به يُغِثْهُ عِلْمُهُ.
* الرجل ذو المروءة قد يكرم على غير مال، كالأسد الذي يهاب و إن كان عقيرا، و الرجل الذي لا مروءة له يُهان و إن كَثُرَ مالُهُ كالكلب الذي يهون على الناس و إن طق و خاخل.
* للدنيا زخرف يغلب الجوارح ما لم تغلبه الألباب، و الحكيم من يغض عنه طرفه و لم يشغل به قلبه.
الأدب الكبير
* إن استَطَلْتَ على الأكفاء فلا تثقن منهم بالصفاء.
* إن أحببت أن تلبس ثوب الوقار و الجمال، و تتحلى بحلية المودة عند العامة، و تسلك الجَدَد الذي لا خيار فيه و لا عثار، فكن عالما كجاهل و ناطقا كعي.
*فأما العلم فيرشدك، و أما قلة ادعائه فَيَنْفي عنك الحسد، و أما المنطق إذا احتجت إليه فسيبلغ حاجتك، و أما الصمت فسيكسبك المحبة و الوقار.
* تحرز من سكر السلطة و سكر المال و سكر العلم و سكر المنزلة و سكر الثياب، فإنه ليس من شيء إلا و هو ريح جنة تسلب العقل و تذهب الوقار و تصرف القلب و السمع و البصر و اللسان إلى غير منافع!
* اعلم أن إخوان الصدق هم خير مكاسب الدنيا، هم زينة في الرخاء، و عدة في الشدة، و معونة في المعاش و المعاد، فلا تفرطن في اكتسابهم و ابتغاء الوصلات و الأسباب إليهم.
* اعلم أن الجبن مقتلة و الحرص محرمة، فانظر فيما رأيت أو سمعت أَمَنْ قُتِلَ في القتال مقبلا أكثر أم مَنْ قُتِل مُدبرا؟
* يصول الكريم إذا جاع و اللئيم إذا شبع.
في يتيمة السلطان
* من جمع السخاء و الحياء، فقد جمع الازار و الرداء.
* الصديق لا يحاسب، و العدو لا يعاتب.
* إن الكريم إذا عثر لم ينتعش إلا بالكرام، كالفيل إذا وحل لم تستخرجه الفيلة.
*من جهل بقدر نفسه، فهو بقدر غيره أجهل!
و من ثلاثياته قوله:
* ثلاث ليس معهن غربة: حُسْن الأدب، و كف الأذى و اجتناب الريب.
* الكمال في ثلاثة: الفقه في الدين، و الصبر على المصائب، و حسن التقدير في المعيشة.
و من رباعياته قوله:
* من رزق أربعا لم يُحْرَم أربعا: من رزق الشكر لم يحرم الزيادة و من رزق الاستغفار لم يحرم المغفرة و من رزق الدعاء لم يحرم الإجابة و من رزق التوبة لم يحرم القبول.
* أربعة أشياء القليل منها كثير: المرض، و الدين، و النار، و العداوة.
* أربع خصال إذا أعطيتهن فليس يضرك ما فاتك من الدنيا: عفاف في طعمة، و صدق في حديث، و حفظ أمانة، و حسن خليقة.
و من آدابه السلطانية قوله:
* من كتم السلطان نصيحته، والأطباء علته، و الإخوان رأيه، فقد خان نفسه!
* إن خير السلطان من أشبه النسر حوله الجيف، لا من أشبه الجيفة حولها النسور!
و من أسلوبه المسلسل قوله:
* أما بعد، فإن لكل مخلوق حاجة، و لكل حاجة غاية، و لكل غاية سبيلا، و الله وَقَّت للأمور أقدارها و هيأ للغايات سبلها.
* لا خير في القول إلا ما انتفع به، و لا ينتفع إلا بالصدق و لا صدق إلا مع الرأي، و لا رأي إلا في موضعه و عند الحاجة إليه.
* إن الأعمال لا يستعان عليها إلا بالصبر و لا يتم الصبر إلا بالعقل و إنما يتم العقل بالتجربة.
مواقع النشر (المفضلة)