(( ألــهــاكــم الــتــكــاثــر )) بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام المبجل / ابن قيم الجوزية – رحمه الله تعالى - في :
تفسير قوله تعالى : (( ألـهـاكـم الـتـكـاثـر )) الآية .
قوله تعالى : (( ألـهـاكـم الـتـكـاثـر )) إلى آخرها ..
أخلصت هذه السورة للوعد والوعيد والتهديد ، وكفى بها موعظة لمن عقلها .
فقوله تعالى (( ألـهـاكـم )) ، أي شغلكم على وجه لا تذرون فيه ، فإن الإلهاء عن الشيء هو الاشتغال عنه .
فإن كان بقصد ، فهو محل التكليف ، وإن كان بغير قصد كقوله صلى الله عليه وسلم في الخميصة : ( إنها ألهتني آنفا عن صلاتي ) ، كان صاحبه معذورا ، وهو نوع من النسيان ، وفي الحديث : ( فلها صلى الله عليه وسلم عن الصبي ) ، أي ذهل عنه .
ويقال : لها بالشيء : أي اشتغل به .
ولها عنه : إذا انصرف عنه .
واللهو للقلب ، واللعب للجوارح ، ولهذا يجمع بينهما ، ولهذا كان قوله : (( ألـهـاكـم الـتـكـاثـر )) أبلغ في الذم من شغلكم ، فإن العامل قد يستعمل جوارحه بما يعمل وقلبه غير لاه به ، فاللهو هو ذهول وإعراض .
والتكاثر تفاعل من الكثرة ، أي مكاثرة بعضكم لبعض .
وأعرض عن ذكر المتكاثر به إرادة لإطلاقه وعمومه ، وأن كل ما يكاثر به البعد غيره ، سوى طاعة الله ورسوله ، وما يعود عليه بنفع معاده ، فهو داخل في هذا التكاثر .
فالتكاثر في كل شيء : من مال ، أو جاه ، أو رياسة ، أو نسوة ، أو حديث ، أوعلم ، ولا سيما إذا لم يحتج إليه ، والتكاثر في الكتب ، والتصانيف ، وكثرة المسائل ، وتفريعها ، وتوليدها .
والتكاثر أن يطلب الرجل أن يكون أكثر من غيره ، وهذا مذموم إلا فيما يقرب إلى الله ، والتكاثر فيه منافسة في الخيرات ، ومسابقة إليها .
وفي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن الشخير : أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ : (( ألـهـاكـم الـتـكـاثـر )) ، قال : ( يقول ابن آدم : مالي .. مالي ، وهل لك من مالك إلا ما تصدقت فأمضيت ، أو أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ؟ ) . انـتهـى .
والحمد لله رب العالمين . ( منقول )
أخوكـــــــم التائــــــب
لا تنسوني من صالح دعائكم
مواقع النشر (المفضلة)