[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم جميعا ..وطاب صباحكم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الغربة الحقيقية
قد تتواجد في مكان ما في بقعة من بقاع الارض ومع الوقت
يتشكل بينك وبينها تناغم يسمى تناغم المحيط او التناغم المكاني
فترتسم تفاصيل المكان في ذاكرتك مستوعبا ً تفاصيل المكان بصورة
مصغرة ومضغوطه داخل الذاكرة وهي تفاصيل كثيرة تتشكل من كل الصور
والمؤثرات بانواعها الصوتية واللونية والتضاريسيه و.. و.. و
وعندما ترتحل بعد سنوات من هذا المكان الى مكان آخر تحمل مسمى غريب
وهي غربة محيط او مكان فالتفاصيل المحفورة في الذاكرة
ما عادت هي وليس من السهل استبدالها ببساطة فيبقى الحنين الى تفاصيل
المكان السابق مسيطرا وطاغيا
وقال الشاعر
كم منزل في الارض يألفه الفتى .... وحنينه يبقى لأول منزل
وهنا ماتزال الغربة مؤطرة في المكان ومازال الحنين وجدانيا مكانيا
أي بفيض مشاعرلا تصل الى الخطوره لانها تعود لمتعلق مكاني
باستطاعة الانسان التكيف بعد فترة لتقليل هذا التدفق وليس لانهائه او الغائه
وللغربة مدارات متتاليه فدائرتها الكبرى تتعلق بالمحيط الاكبر كمثال
محيطك الاسلامي ثم العربي ثم الوطني ثم المدينة ثم الحي ثم تتوقف
فهذه كلها متعلقات تخص الغربة المحيطه او الغربة المكانية وهي بلا شك
فيها من القساوة ما فيها وفيها من الحنين ما فيها لكنها ممكنة المواجهة
فالنفس البشرية لديها مخزون هائل من انماط التكيف
للتعامل مع مثل هذه الطوارىء والمستجدات
ولكن :
الغربة الاقسى والادهى هي الغربة الذاتية والتي لا متعلقات خارجية
لها ولا مدارات متسلسله فهي بمدار واحد يطبق على الذات باحكام
وتأتي هذه الغربة من تناقضات المشاعر ومن فراغات الذات المتطلعه
ومن تحجيم كل شعور وكبت أي امتداد له ومن التناقض بين
المفروض والواقع ومن التباعد بين الممكن والمستحيل بمقاييسه الخاطئة
الغربة الذاتية تنسف كل دوائر الغربة المكانية فلا قيمة لها دونها
والخلاص منها يأتي بمؤثرات خارجية لا دخل للذات فيها ولا تستطيع
ان تتكيف كما الغربة المكانية معها فهي غير قابلة للتكيف ولا يوجد مخزون
بشري يستطيع ان يتعامل معها فهي غير قابلة للقسمة ولا للطرح والجمع
وهي تسير بقاعدة ان تكون او لاتكون
وحيث ان متعلقاتها خارجية ترتبط بعنصر آخر هو القادر فقط على ازالتها
فقد استعاض الناس في محاولة يائسة للتخلص منها بالبحث عن
مخارج طوارىء قد تستطيع احتوائها مؤقتا ً او التخفيف منها مؤقتا ً
فكونوا روابط لهذه الذات ببدائل كالكتابة او الرسم او الشعر او الرياضة او السفر او او او
لكنها لم تفلح ولو اجتمعت في استخراج الذات من غربتها فهي لا تتكامل الا بذات أخرى
فأي منظر في الدنيا ساحرا بجماله لا يمكن ان يمثل قيمة جمالية
وانت واقف تتأمله ما لم يكن بجانبك انسان آخر وتقول له : الله انظر كم هذا المنظر جميل
هنا فقط تتحقق جمالية المنظر وإلا بقي منظرا عابرا يفتقد المشاركة
وهي عنصر الخروج من غربة الذات
... مجرد تداعيات ذاتية لا ابصم على دقتها...
شكرا لكم ..[/align]
مواقع النشر (المفضلة)