مهما كانت للانسان صفات أو عيوب خفية أو حاول اخفاءها فسوف تنكشف للناس في يوم ما،إن الاسكندر الأكبر كان فيه عيب خلقي، وهذا العيب هو أن له اذنين طويلتين ويقال إنه كان يخفيهما تحت شعره الذهبي ويقال كان يضع التاج على رأسه ليلاً ونهاراً لهذا السبب.
وكان للاسكندر عبد حلاق هو من اكتشف هذا العيب الخلقي فقال له الاسكندر إن فتحت فمك قتلتك، وتقول الاسطورة إن هذا العبد هام على وجهه في الصحراء خوفاً من الاسكندر ويقال إنه وقف عند حافة بئر وراح يصرخ ويقول: الاسكندر له أذنا حمار رأيتهما بعيني. وتقول الاسطورة إنه من هذا الاعتراف الصارخ نبتت شجرة خيزران ولما قطع غصنا وجعله ناياً كان الناي يغني من تلقاء نفسه للاسكندر أذنان طويلتان.
ويقال إن الاسكندر مر بالقرب من البئر فسمع هذا الصوت واندهش كيف انتقل السر الى شجرة الخيزران وعرف الاسكندر صوت الحلاق وقرر ان يقضي عليه ولم يجده ولكن كل خيزرانة تحولت الى ناي خرج منه هذا السر الغنائي.
وتقول الاسطورة الفارسية إن الاسكندر ايقن أن أحداً لا يستطيع أن يحتفظ بسر، وأن الحلاق نأى بهذا السر أخيراً فالقى به في آذان كل الناس ويومها حلق الاسكندر شعره وظهرت اذناه. وتبارى الشعراء في التغني بجمال اذني الاسكندر الأكبر.
إن السحابة لا تستطيع ان تحجب الشمس لأن مبلغ طاقتها أن تخفيها للحظات فالحقيقة مهما مارس البشر من حيل لاخفائها يكون مصير ما يصنعون الفشل، بل إن المشكلة الكبرى أن الحرص على كتمان شيء ما يكون سبباً في ذيوعه وانتشاره، فربما ذلك من قوانين الطبيعة البشرية فالاعتراف قد يخفف حدة أثر الخطيئة أو تقليل ردة الفعل من الناس تجاه تلك الحقيقة المخفية، فلو كان لدى الاسكندر شجاعة مواجهة الواقع لوفر على الحلاق افشاء السر بتلك الطريقة المخزية والأكثر لفتاً للنظر.
والمعنى أن لكل انسان في الدنيا عيوباً، وعيوب الانسان الخلقية لا يد للانسان فيها وان كانت بعض المجتمعات أحياناً لا ترحم وربما يكون ذلك بسبب الجهل وقلة الوعي عند العامة من الناس، أما العيوب الحقيقية فهي العيوب الاخلاقية وأشدها سوءاً، النفاق والكذب.
ومعنى هذه الأسطورة والذي افهمه أن الانسان، أي انسان، إذا بالغ في اخفاء أمر وخشي من الناس أن يعرفوه أصبح نقطة ضعف في حياته يستغلها الحاسدون في محاربته. أما إذا رضي بها وأظهرها للناس اعتبروه قوياً وعظيماً وقادراً على تخطي التوافه في حياته وتغنى بها محبوه.
وحين نرى هذه الاسطورة وما تحمل من مغزى نستنتج منها أنه يجب الا يعيب الانسان على خلق الله، فمن عظمة الخالق سبحانه وتعالى والدليل على أنه لم يخلق نسخاً متكررة من البشر إن تعددت الأشكال ولا يملك هذه القدرة الفائقة الا هو سبحانه وتعالى على خلاف ما يصنعه البشر، فإنهم يصممون أولاً قوالب يستخدمونها في خلق نسخ متكررة ممن يصنعون من الأشياء المادية.
أما العيوب التي يكتسبها الانسان بنفسه بقصور منه، فعلى الانسان أن يخفيها قدر ما يستطيع حتى يقومها ويتوب عنها لأنها من صنع يده وهي تراها متكررة في البشر فهي من صنعهم فلنجتهد جميعاً بتقبل أوضاعنا وتحسين اخلاقنا ولا نخفي عيوبنا لأننا متى ما اخفيناها ظهرت أمام الناس.
مواقع النشر (المفضلة)