عن فوائد الصمت أقول: تتردد على مسامعي هذه الكلمة اللطيفة التي ما إن كنت في صغري أسمــــــعها من أعز إنسانه لدي في حــــــــياتي ألا وهي أمي التي وما زالت تذكــــــرني بها حتى أدركت معناها القيم وأعمل بها وهي: (إذا كان الكـــــلام من فضـــــــة فالسكوت من ذهب)، وقد يصبح المستمع بصمته وحسن استماعه عند المشاجرة حكيما يفكر بعقل وروية ليستطيع التغلب على من يتشاجر معه، وذلك بتجريده من القدرة على مواصلة الكلام، وكما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت). وليس معنى الصمت هو السكوت عن الحق، أو عند رؤية المنكر، بل مكنون الصمت هو أعظم بكثير من ذلك، فهو حل لتفادي الغيظ والغضب والحقد الذي يتولد ما إن يتشاجر اثنان، إذ يدخل الشيطان بينهما ليوقعهما في الإثم والتنافر والبغض، فكثرة الكلام تجلب كثرة الكذب، وقلة الاحترام وعدم الاستماع لمن كثر كلامه، وكان الحسن رحمه الله يقول: من كثر ماله كثرت عيوبه، ومن كثر كلامه كثر كذبه، ومن ساء خلقه عذب نفسه.
وعن عمر بن عبدالعزيز قال: إذا رأيتم الرجل يطيل الصمت ويهرب من الناس فاقتربوا منه فإنه يلقن الحكمة.
وعن الربيع بن خيثم يقول: لا خير في الكلام إلا في تسع: تهليل، وتكبير، وتسبيح، وتحميد، وسؤالك عن الخير، وتعوذك من الشر، وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر وقراءتك للقرآن.
والجميل أن نعود أنفسنا الصمت، وقلة الكلام في المواقف التي تتطلب ذلك حيث لا تجر خلفها إلا المتاعب والمصائب فخير الكلام ما قل ودل.
مواقع النشر (المفضلة)