والأيام بيننا
هل يفرق اليوم عن الأمس.. وهل يمكن أن يختلف الغد عما كان قائماً عليه منذ عشر سنوات مضت..؟!
للأسف.. سيناريو مأساة الشرق الأوسط يكاد يتكرر بنفس الأحداث. والوقائع.. بل بذات البدايات. والنهايات. وكأن الله قد كتب علي شعوب تلك المنطقة.. الذل. والهوان. والضعف. والتخاذل.. و.. و.. الموت غدراً. وظلماً. وقهراً. واستبداداً..!
***
منذ عشر سنوات مضت وبالتحديد يوم "13 أبريل عام 1996".. تحول النائمون في قرية قانا الواقعة في جنوب لبنان إلي قتلي.. ممزقي الأشلاء.. ومقطعي
الرءوس.. حيث أغارت إسرائيل التي كان يحكمها خلال تلك الحقبة الزمنية.. حزب العمل بطائراتها. وصواريخها. ومدافعها الثقيلة علي سكان أحد المخيمات في تلك القرية الصغيرة لتقتل في غمضة عين 147 "إنساناً".. منهم مائة طفل وطفلة..!!
ماذا فعل المجتمع الدولي وقتئذ ..؟! وإلي أي مدي بلغت ردود الفعل لدي الإخوة العرب..؟؟
كالعادة.. استنكر من استنكر.. وشجب من شجب.. وتوالت مشروعات القرارات في تباطؤ مشبوه علي مجلس الأمن.. ثم سرعان ما أصبحت المذبحة.. ذكري.. وتجمعت الجثث داخل مقبرة واحدة.. لتصير فيما بعد مزاراً سياحياً..!
***
الآن.. ارتكبت إسرائيل نفس الجريمة البشعة والخسيسة.. محتمية بذات الغطاء.. غطاء الخداع. والضلال. والبهتان.. وتناقض المواقف الذي ما بعده تناقض..!
لقد صوبوا نيرانهم.. إلي أناس أبرياء لا حول لهم ولا قوة.. توهموا أن المبني الذي لجأوا إليه يمكن أن يوفر لهم قدراً من الأمان.. فإذا "بعصابة الإرهاب" تزهق أرواحهم بغير وازع من دين أو ضمير أو أخلاق.. بعد أن سقطت آخر أوراق التوت عن زعمائها. وأعضائها لتتلقفهم أيادي القصاص إن آجلاً أو عاجلاً..!
***
لعل الاختلاف الوحيد في "مذبحتي قانا".. أن الإسرائيليين ارتكبوها هذه المرة.. بينما كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية.. تمضي معهم ليلتها.. مما يدل علي أنها قد أعطتهم ضوءاً أخضر جديداً ليرتبوا الأوضاع وفقاً لما يحقق "المصالح المشتركة".. قبل أن يعقد مجلس الأمن جلسته بساعات.. يعني باختصار شديد.. تريد أمريكا أن تسلم لبنان إلي إسرائيل.. "بيضة مقشرة" كما يقول مثلنا الشعبي.. أو العكس..!!
من هنا.. يثور السؤال:
* .. وهل يمكن أن يتحقق ذلك بالفعل..؟؟
أنا شخصياً أعتقد أن الشواهد الماثلة أمام عيوننا.. والتصريحات الخبيثة التي تصدر عن كل من واشنطن. وتل أبيب.. والتشجيع العلني والمستتر لإسرائيل علي الاستمرار في عدوانها.. كلها عناصر تكشف طبيعة النوايا.. وتؤكد علي أن أمريكا متشبثة بفكرة الشرق الأوسط الجديد.. إلي أقصي مدي والتي تصر إدارتها علي ضرورة إخراجها إلي حيز التنفيذ قبل أن يترك المحافظون الجدد.. البيت الأبيض.. ربما إلي غير رجعة..!
***
علي أي حال.. لقد راهن الأمريكان.. والإسرائيليون.. علي وحدة الصف اللبناني.. وقد أقاموا حساباتهم علي أنه كلما ازداد عدد الضحايا.. وكلما تهدمت
البيوت.. فوق رءوس أصحابها.. وكلما تكدس المهجرون. والنازحون. والمشردون في الشوارع والطرقات.. فسوف ينفرط العقد اللبناني..!
لكن لأنهم يخطئون دوماً في الحساب.. فقد بدا اللبنانيون بمختلف طوائفهم.. موقفاً واحداً.. وقراراً واحداً.. والتفافاً كاملاً حول المقاومة..!
تُري.. هل يزيد ذلك المعتدين غلاً فوق غل.. وحقداً فوق حقد.. أم قد يعيدهم إلي صوابهم.. عسي أن يتيقنوا في النهاية بأن الإرهاب لا يفرخ سوي إرهاب.. والاستخدام المفرط للقوة لا يجر الوبال إلا علي من نسوا أو تناسوا بأن العظمة لله وحده..؟؟
والأيام بيننا..!
مواقع النشر (المفضلة)