اتفق الفقهاء على استحباب تسمية المولود يوم سابع ولادته، وإن جاز قبله وبعده، وإنما استحبت تسميته يوم سابع ولادته، لما روي عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كل غلام رهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمي فيه ويحلق رأسه”، وما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده “أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتسمية المولود يوم سابعه، ووضع الأذى عنه، والعق”، (العق: هو ذبح العقيقة عنه)، وما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: “عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين رضي الله عنهما يوم السابع وسماهما، وأمر أن يماط عن رأسيهما الأذى”، حيث دلت الأحاديث على أن المستحب أن تكون التسمية يوم السابع من ولادة الولد، لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بها في هذا اليوم، وأدنى ما يحمل عليه أمره الاستحباب، فإن سماه قبل السابع جاز، لما روي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ولد الليلة لي غلام، فسميته باسم أبي إبراهيم”، ولما روي عن أنس رضي الله عنه “أن أم سليم أمه ولدت غلاما، فقالت له: يا أنس لا ترضعه حتى تغدو به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلما أصبحت انطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لعل أم سليم ولدت؟ قلت: نعم، فوضعته في حجره، ودعا صلى الله عليه وسلم بعجوة من عجوة المدينة فلاكها في فيه، ثم قذفها في في الصبي، فجعل يتلمظها، فمسح وجهه وسماه عبد الله”، فهذان الحديثان يدلان على جواز تسمية المولود قبل السابع، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمى ابنه إبراهيم رضي الله عنه بمجرد ولادته، وسمى عبد الله بن أبي طلحة صبيحة ولادته، كما يستحب اختيار الاسم الحسن للولد ذكرا كان أو أنثى، لما روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم”، وأفضل الأسماء في حق الغلام عبدالله وعبدالرحمن، لحديث أنس في تسمية ابن أبي طلحة عبد الله، وحديث أسماء في تسمية ابن الزبير عبدالله، ولما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أحب الأسماء إلى الله عز وجل عبدالله وعبدالرحمن”، وقد اتفق جمهور الفقهاء على جواز التسمية بأسماء الأنبياء والملائكة، لما روي عن أبي وهب الجشمي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبدالرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة”، وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم رضي الله عنه، وسمى خلائق من أصحابه بأسماء الأنبياء. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “إذا كان يوم القيامة أخرج الله أهل التوحيد من النار، وأول من يخرج من وافق اسمه اسم نبي”. وروي عنه أنه قال: “إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ألا ليقم من اسمه محمد فليدخل الجنة، كرامة لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم”، ولم يرد نهي من النبي صلى الله عليه وسلم عن التسمي بأسماء الأنبياء أو الملائكة، وقد نهى عمر رضي الله عنه عن التسمي بأسماء الأنبياء، وكره الحارث بن مسكين التسمي بأسماء الملائكة، وكره مالك التسمي بجبريل وياسين، ويحرم التسمي بالأسماء التي أضيفت العبودية فيها لغير الله تعالى، كعبد الرسول وعبد النبي وعبد الحسين ونحوها، لأن العبودية لا تكون إلا لله تعالى، كما يحرم التسمية بملك الأملاك، أو شاهان شاه، لأنه ليس ثمة إلا مالك واحد للملك هو الله جل جلاله، وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك”، وزاد ابن أبي شيبة في روايته “لا مالك إلا الله عز وجل”، ويكره التسمي بالأسماء القبيحة، من مثل: حرب، مرة، كلب، كليب، عاصية، شهاب، ظالم، أو التسمي بالأسماء التي يتطير بنفيها في العادة، من مثل: يسار، رباح، نافع، نجاح، بركة، أفلح، لما روي عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تسمين غلامك أفلح ولا نجيحا ولا يسارا ولا رباحا، فإنك إذا قلت أَثَم هو؟، قالوا: لا”، ويستحب تغيير الاسم القبيح، لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “إن ابنة لعمر كان يقال لها: عاصية، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة”. وروي عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم “حمل إليه أبو أسيد ابنا له، فقال: ما اسمه؟ قال: فلان، قال: لا، ولكن اسمه المنذر”. وروي عن زينب بنت أبي سلمة رضي الله عنهما قالت: “سميت برة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سموها زينب، ودخلت عليه زينب بنت جحش واسمها برة، فسماها زينب”. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كانت جارية تسمى برة، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها وسماها جويرية، وكان يكره أن يقال: خرج من عند برة”، وهذا وغيره يدل على استحباب تغيير الأسماء القبيحة، كما يدل على اهتمام الإسلام بتسمية الولد واختيار الاسم المناسب له، بحيث يحب أن ينادى به ولا يكره سماعه من الغير.
مواقع النشر (المفضلة)