http://www.alriyadh.com/2010/10/19/article569341.html
<H2>حول العالم
ليسوا سواء.. ثاني مرة
فهد عامر الأحمدي
الأخبار السعيدة والمعتادة والمتوقعة ليست (أخبارا) في العرف الإعلامي.. ففي كل يوم تهبط آلاف الطائرات بسلام وهي بالتأكيد أخبار سعيدة لأقرباء المسافرين ولكننا لا نسمع عنها ولا نهتم برصدها في وسائل الاعلام كونها ماتزال ضمن السياق الطبيعي والمتوقع.. ولكن حين تسقط طائرة ويموت كافة ركابها تتحول عندها إلى خبر يستحق النشر والظهور على شاشات التلفزيون!!
...أيضا خذ كمثال المبدأ الكلاسيكي الذي يتعلمه طلاب الاعلام "ليس خبرا أن يعض ال*** رجلا، الخبر هو أن يعض الرجل ال***".. فالحالة الأولى بدهية ومعتادة ومتوقعة في أي وقت، بينما الثانية نادرة وغريبة ومثيرة للتساؤل (لماذا يعمد إنسان لعض ***)!؟
وعلى نفس السياق حين يتعمد *** دنمركي رسم الرسول بشكل مسيء يصبح الفعل خبرا يستحق النشر والمزايدة.. ولكن المشكلة أن تحويل الفعل الفردي إلى (خبر اعلامي) يضعنا عاجلا أم آجلا أمام ثلاث مشكلات أكبر وأعظم:
= الأولى: مساهمتنا في الترويج للفعل ذاته.
= والثانية: إثارة الفتنة بين المجموعات التي ينتمي إليها كل طرف..
= والثالثة: طمس محاسن الأغلبية التي تتخذ موقفا إيجابيا من الاسلام (في الدنمرك مثلا) التي لا تتحدث عنها وسائل الاعلام كون موقفها الإيجابي لا يعد خبرا يستحق النشر!!
= ونفس الأمر حدث مع القس الأمريكي تيري جونز الذي أعلن عزمه على حرق القرآن فتجاوبت معه وسائل الإعلام بشكل غير احترافي وغير أخلاقي فنجح في تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية:
= الأول: الترويج لنفسه (حيث أجرى 148 لقاء تلفزيونيا واعلاميا).
= والثاني: إثارة الفتنة بين المسلمين وغير المسلمين..
= والثالث: طمس أخبار ومحاسن الفئة الغالبة التي تتخذ موقفا إيجابيا من الاسلام (في أمريكا) ولا يجد الإعلام فيها مايستحق الذكر!!
...ودعوني أضرب لكم مثلا بسيطا وموثقا بالصور على هذه المفارقة:
ففي الفترة التي روج فيها الاعلام لمسألة حرق القرآن (والتي بالمناسبة تجوز شرعا في حال تلفه أو خشية امتهانه) اشترت مجموعة من المسلمين السوريين أرضا كبيرة لبناء مركز إسلامي في ضاحية جرودوفا في مدينة ممفيس بولاية تينيسي..
ومن غرائب الصدف أن تقع هذه الأرض أمام كنيسة ضخمة ومحترمة تدعى كنيسة "هارت سونغ".. ورغم أن كل جانب تفاجأ بالآخر إلا أن رعايا الكنيسة (الذين يشكلون 90% من سكان جرودوفا) اتفقوا على وضع لوحة كبيرة أمام كنيستهم كتبوا عليها (كنيسة هارت سونغ ترحب بجيراننا الجدد مركز ممفيس الاسلامي).. وحين دخل شهر رمضان قدموا لأعضاء المركز الاسلامي الورود والحلوى وأقاموا لهم حفلة شواء في حديقة الكنيسة.. ولأن أعمال البناء لم تنته بعد دعوهم لإقامة صلاة التراويح كل ليلة داخل الكنيسة وهذا ماحصل فعلا طوال شهر رمضان (قبل أن تنتهي أعمال البناء مؤخرا تحت اسم مركز ممفيس الاسلامي)!!
... وقد لا يصدق البعض هذه القصة ولكنني (ويشهد الله على ما أقول) سمعت وخبرت بنفسي قصصا كثيرة مماثلة من بينها مبادرة جامعة منسوتا بإلغاء المحاضرات من إحدى القاعات الكبرى أيام الجمع كي توفر لنا مكانا لإقامة خطبتي وصلاة الجمعة...
وفي المقابل وأرجو أن تتحملوا هذا السؤال - .. أليس غريبا أن يسمح الرسول للأحباش باللعب في باحة المسجد (في حديث عائشة المشهور) ويسمح ببقاء معابد اليهود في المدينة، ويعطي الأمان لنصارى نجران على كنائسهم ورهبانهم (كما جاء في رواية أبو عبيد)؟!
...أنا أول من يعترف بوجود متشددين وكارهين للاسلام في الغرب،ولكن السؤال هو عن عددهم ونسبتهم؟
عن مصلحتنا في التركيز على الأقلية المتطرفة (مثل القس جونز) وتجاهل الأغلبية المتسامحة التي يفترض التواصل معها وتقديم الاسلام عبرها،
عن دوافع ملء الانترنت والصحف بقصص شخصية وحوادث فردية تروج للكراهية بين الطوائف والديانات المختلفة (وتتعمد حجب الجانب الإيجابي للقصة)!
...بدون شك؛ أهل الكتاب {ليسوا سواء وليس من العدل تجاهل الأغلبية القانتة والمتسامحة منهم والتي للأسف لا يرى الاعلام في وجودها مايستحق الذكر والاشارة!!
وقبل أن يسألني أحد لماذا أضفت كَلمَتيْ "ثاني مرة" لعنوان المقال؟.. أشير إلى أنني سبق وكتبت مقالا بنفس العنوان أرجو مراجعته في موقع الصحيفة الإلكتروني (بتاريخ 1 يونيو 2009) واعتباره مكملًا لموضوع اليوم!!
</H2>
مواقع النشر (المفضلة)