للخوف سبب واحد وللأمن سبيل واحد، أما الخوف فإن سببه في المقام الأول عدم سكينة القلب بالله تعالي، إذ أن العبد الذي يسكن قلبه بالأنس بمولاه لا تؤثر فيه حوادث الدنيا مهما عظمت إذ كفى بالله لقلبه مؤنساً، وهل يفزع القلب المستأنس بربه شيئا من أمور هذه الدنيا الحقيرة؟!
أما سبيل الأمن الأوحد فهو بذل الغالي والنفيس للفوز بالدار الباقية بصدق النية وصواب العمل، إذ أن استشعار رجاء عمار الآخرة يلقي بظلال من الأمن والطمأنينة علي نفس العبد خلال أيام عمره القصيرة في هذه الدنيا سريعة الزوال، وهل يعادل النجاة من أهوال يوم القيامة أي نوع من الأمان؟ فاللهم قنا عذابك يوم تبعث عبادك، ونجنا برحمتك من فتن الدنيا وعذاب الآخرة، إنك علي كل شيء قدير وبالاجابة جدير وأنت سبحانك نعم المولي ونعم النصير.
ارغام النفس علي طاعة الله ومراقبته في السر والعلن تحتاج لعزيمة صادقة واخلاص قلب لا يتوان ولا يتيح مجالا للتردد في هذا الارغام، ولعل المرء يعاني شيئا من المشقة في بداية الطريق، إلا أنه بعد تجاوز صعوبة هذه المرحلة سوف يشعر بلذة لا تعدلها لذة، إنها لذة حلاوة الايمان والأنس بالله تعالي، فإنه حين يلمس دفئهما في قلبه لا يمكنه التفريط فيهما بحال ولو أن له الدنيا وما عليها، فأعقد العزم علي مواصلة رحلة اذعان النفس وارغامها على طاعة الله تعالى، ولا تتردد فإن النهاية محفوفة بسعادة لا تعدلها سعادة أبداً.
مواقع النشر (المفضلة)