التقليد في بعض أحواله يعتبر صناعة مهارية يحترفها الشخص في أمر من الأمور وقد يكون محموداً أو مذموماً حسب حالته أو السبب الذي جاء من أجله وقد يكون تلقائياً فيأتي من غير قصد إما بدافع الحب والإعجاب أو بسبب التأثر والقدوة الحسنة كما هو الحاصل في مسألة التربية أو التعليم. لذا قد يكون التقليد مرغوباً كأن يتأمل الفرد في حياة الناجحين من حيث المنهج والسلوك وليس في المظاهر والشكليات طلب للتأسي والتأثر الإيجابي. وفي المقابل قد يكون مذموماً وذلك عندما (يُغرِق) الفرد في المظاهر والجزئيات في تقليد الأشخاص ومحاكاتهم بشكل يوحي بالمثلية المتناهية وعندها سيكون الفشل سريعاً بل قد يؤثر سلباً على شخصية مَنْ تأثر به.
وهناك مَنْ يظن أن نجاح شخص (ما) أو تميزه إنما هو من أجل صفات محددة أو شكليات معينة ففي جانب المحادثة والإلقاء - على سبيل المثال - التركيز على: (طريقة الحوار - نبرة الصوت - نوعية اللباس - ونحوها) فيقوم (المقلد) بتمثيل الدور والمحاكاة الشكلية، وعندها سيسقط أمام نفسه قبل الآخرين.
وبالتأكيد فإن هناك جزئيات في التقليد قد لا يمكن الاحتراز منها وربما تقبل بحدودها ما لم تتصل بالخصوصية الفردية.
وقد تختفي الحقيقة عن نظر (المقلد) بهذا الخصوص إذ لو علم أن التلقائية والطبعية في تصرفات كل شخص وحياته العامة هي بسبب تميزه لما حاول الاتصاف بالمحاكاة الشكلية ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد وهب كل إنسان سمات وصفات فردية مختلفة تماماً عن الغير وأعطاه من القدرات والمهارات ما لا يماثله فيها أحد.
والمؤسف أن مسألة التقليد المذموم تنسحب على كثير من مجريات الحياة عند البعض في تعامله.. وهيئته.. وأسلوبه.. وفي شأنه كله. والأسوأ عندما يقترن بشؤون الناس ومهامهم.
وأخيراً.. إن من بديع صنع الله هذا التفاوت العجيب بين البشر فكما يتفاوتون في خِلقتهم وألسنتهم وألوانهم هو أيضاً كذلك في أخلاقهم.. وطبائعهم.. وإدارتهم للحياة.. فهل من معتبر؟!
مواقع النشر (المفضلة)