هدية
هذه رسالة .....
أخاطب بها صديقةً هجرتْ وتخلتْ عن صديقتها .....
علها تقترب , علها تشتاق لمن ابتعدتْ عنها , وعل المياه تعود إلى مجاريها ........!
وأرجو الله أن ينفع بهذه الرسالة , ويصلح ما بينهم البين ...
{ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }
. . . .
ذبلت أزهار المودة والصفاء , وجفت ينابيع المحبة والإخاء , وأصبحت أرض محبتنا , أرضٌ جدباء قاحلة كالصحراء , لا خضرة ولا نضرة , ولا بلبل يشدو ولا طائر يطير فيها ..!!
لماذا حَـلَّ الهجران والفرقا بيننا ؟!
لماذا أرى حبل الوصال يكاد يتمزق مع كثرة الابتعاد ؟!
أي ذنبٍ ارتكبته في حقكِ ؟!
بل أي قلبٍ أنتِ تحملين ؟!
أين تلك الحياة الطيبة التي قضيناها معاً ؟!
أين تلك الضحكات والحكايات ؟!
بل أيـن وصايا الخير التي كُنَّـا نتبادلها ؟!
أين وأين .....
أتراكِ اليوم نسيتِ حباً كان في الله يجمعنا ....
فهجرتِ وابتعدتِ عن ديارِ أخوتنا .....
الم تعلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الهجر في أحاديث كثيرة صحيحة ....
ألا أذكركِ بها , فالذكرى تنفع المؤمنين ......
عن أنس رضي الله عنه , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقاطعُوا ولا تدابرُوا ولا تباغضُوا ولا تحاسدُوا , وكونُوا عباد الله إخوانا , ولا يَحِلُّ لمسلم أن يهجُر أخاهُ فوُق ثلاثٍ " متفق عليه
وعن أبي أيوب رضي الله عنه , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يَحِلُّ لمسلم أن يهجُر أخاهُ فوق ثلاثِ ليالٍ , يلتقيَانِ , فيُعرضُ هذا ويُعرضُ وهذا , وَخَيْرُهُمَا الذي يبدأ بالسـَّـلام " متفق عليه
وعن أبي هريرة رضي الله عنه , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحلُّ لمسلم أن يهجُر أخاهُ فوق ثلاثٍ , فمن هجرَ فوقَ ثلاثٍ فمات دخل النـار " رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم
وعن أبي خِرَاشٍ حَدْرَدِ بن أبي حَدْرَدٍ الأسلميِّ , ويقال : السُّلميُّ , الصحابي رضي الله عنه , أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه " رواه أبو داود بإسناد صحيح
وعن أبي هريرة رضي الله عنه , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحلُّ لمؤمنٍ أن يهجرَ مُؤمنا فوق ثلاثٍ , فإن مرت به ثلاثٌ فليلقَهُ وليُسَلِّمْ عليه , فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر , وإن لم يَرُدَّ عليه فقد باءَ بالإثمِ وخرجَ المُسَلِّمُ من الهجرةِ " رواه أبو داود بإسناد حسن
قال أبو داود : إذا كانت الهجرة لله تعالى فليس من هذا في شيء
. . . .
أنا وأنتِ , يا غالية , إخوةً وأحبةً في الله , لا ينبغي علينا أن يقع الهجر بيننا فنتباعد ونفترق لأي ظرف يَحُل بنا , أو لأي سبب كان , وبأي مكان كُـنـَّـا , قبل أن نصل إلى ما كنا نرنو إليه , وهو الاستظلال تحت ظل عرش الرحمن , ففي ذلك اليوم الموعود الكل عدو تجاه خليله , إلا المتقون , فنسأل الله أن نكون منهم , وأن لا يحرمنا ذلك آمين يا رب العالمين .....
الشيطان أعاذني الله وإياكِ منه , جدُّ حريص على أن يوقع الخلاف فيما بيننا , أو الفرقا وغيره , لماذا ؟!
جواب ذلك : تأملي هذا الحديث ........
عن جابر رضي الله عنه , قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنَّ الشيطانَ قد يئسَ أن يعبُدَهُ المُصلُّونَ في جزيرة العرب , ولكن في التَّحريشِ بينهم " رواه مسلم
" التَّحريشِ " : الإفساد وتغيير قلوبهم وتقاطعهم
فلا تحقرين أمراً صغيراً , فمع الأيام يكبر , وتعتاد عليه النفس , ويصبح أمراً عادياً , لكنه بالنسبة للشيطان أمرٌ عظيم , أن يهجر المسلم أخاه , ويبتعد ويتخلى عنه , وليس هذا فحسب , بل إن عند عرض الأعمال على الله عز وجل , فإنه لا يغفر لمن بينه وبين أخيه شحناء حتى يصطلحا ...............!
عن أبي هريرة رضي الله عنه , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تُعرضُ الأعمالُ في كلِّ اثنين وخميس , فَيَغْفِرُ الله لكلِّ امرىءٍ لا يُشركُ بالله شيئاً إلا امرءاً كانت بينهُ وبينَ أخيهِ شحناءُ , فيقول : اتركوا هذين حتى يصطلحا " رواه مسلم
أرأيتِ ........ { وََتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ } ......
. . . .
قد تكون صديقتكِ , بحاجةٍ إليكِ , بحاجةٍ إلى عون نفسي أو معنوي منكِ , فأين أنتِ عنها ...؟!
فالراحمون يرحمهم الله , ألآ تريدين الرحمة من الله ... ؟؟
والسعادة تأتي قلبكِ حين تسعدين غيركِ , وتقفين على حوائجهم , فالأمر لا يتطلب جبالاً من الذهب تنفقينها , أو أن تقطعين من أعضائك شيئاً ..!!
الأمر أقل من ذلك بكثير , فقط زيارة , أو اتصال , أو رسالة , أو غيرها , فالقلوب يفرحها السؤال عنها والاطمئنان على حالها ...
وأنتِ بذلك تؤجرين , وأيضاً تبتعدين عن اتصافكِ بالهجر , لأن الرسول صلى الله عليه وسلم , كما في الحديث السابق , قد نهى عن الهجر ...!
. . . .
هاتِ إليَّ يدكِ لأصافحها , علها تُذّهِبْ ما كان في القلب قَـابِـعُ ......
اطوي صفحة الماضي , ولنبدأ معاً حياةً ملؤها المحبة والتناصح والإخاء في الله ولأجل الله , " فمن هنا نبدأ وفي الجنة نلتقي بإذن الله " ........
ويشهد الله أنه مهما حدث بيننا , فإني أحبكِ في الله , وسيبقى الحب مستقراً في القلب , ويشتاق لوصالكِ واتصالكِ دوماً ..... فـ { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } , ولا ننسى التواصي بالحق فيما بيننا , { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى } ......
. . . .
أحب أن أنبه إلى أمر قد يعتبره البعض عادياً , وهو إهداء (( الهدية )) بين فترة وأخرى , فهي مفتاح القلوب , وصفاء النفوس , ومقربة لكل بعيد , فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " تهادوا تحابوا " .........
دمتم بسعاده
مواقع النشر (المفضلة)