صرخات هدي وتفاصيل المجزرة
ياباااااا.....يابااااااا...... صوروا..... صورواااااا.... بتلك الكلمات المفجعة ودعت هدي أهلها وقد تلفتت من حولها فلم تجد إلا أشلاء أسرتها، بكت فلم يسمع بكاءها أحداً، نادت الأحياء فوجدتهم أمواتاً يفترشون الأرض، نظرت إلى السماء تناجي ربها وتقول حسبنا الله وأنت نعم الوكيل، وتستغيث والدها وعائلتها لعل وعسي أن تسمع إجابة لصرخاتها، صرخات هدي وهي تصرخ بأعلى صوتها بجانب جثمان والدها الهامدة، لقد شاءت القدرة الإلهية أن تقضي هدي بقية حياتها وحيدة بلا أب أو أخ تلجأ إليه بل ستعيش مع أحزانها وجرحها الذي سيظل نازفًا طوال فترة حياتها، ومشاهدُ رأتها بأم عينيها من جثث وأشلاء إخوتها ووالديها ستظل راسخةً في ذاكرتها ولن يمحه التاريخ أبد الدهر وسيظل وصمة عارٍ وماضٍ أسود في تاريخ الجيش الإسرائيلي أبد الدهر، ستعيش هدي في حسرتها دون أن يعطف عليها أب أو أم ودون أن تردد من جديد كلمة بابا .....بابا .
شبكة فراس الإعلامية التقت بهدي والمقربين إليها وسردت لنا تفاصيل الرواية .
بمجرد أن التقيت بهدي وقبل أن أسألها عن أي شيء قالت لي لا تسأليني عن أي شيء سأروي لكي كل شيء فتركتها تتحدث وتروي لي تفاصيل الحادثة، قالت: "ذهبنا إلي البحر يوم الجمعة بعدما عاد والدي من صلاة الظهر وأنا وإخوتي يغمرنا السعادة لأننا سنذهب إلي البحر، وأخذنا حاجياتنا وذهبنا إلي البحر، وكنا في غاية من السعادة كنا نسبح ونلعب ونمرح أنا وإخوتي، وأمي وأبي، سمعنا صوت قذائف مخيف جدًا خرجنا من البحر وذهبنا إلي الخيمة، وازداد صوت القذائف وكل الناس التي كانت متواجدة علي شاطئ البحر هربوا، أذكر أن والدي كان قد اتصل علي سائق السيارة كي نعود إلي البيت وجمعنا أغراضنا وحاجياتنا وخرجنا من الخيمة ووقفنا علي الطريق عند شاطئ البحر ننتظر سائق السيارة أنا شعرت بالبرد الشديد أخذت بطانية وافترشتها علي جسدي وغفوت لم استيقظ إلا علي صوت القذائف وصراخ إخوتي ففزعت من مكاني، ووقفت أدقق فيما أشاهده لعل الذي أراه حلم أو شيء من ذلك القبيل رأيت، رأيت جثث إخوتي وأمي تغرق في دمائها كانت الوحيدة التي تتكلم معي في لحظاتها الأخيرة أختي عالية تقول لي" هدي ساعديني تعالي شوفي شو علي إيدي في اشي تقيل" أسرعت إليها وجدت مخ أخي الصغير هيثم الذي لم يتجاوز أربعة أشهر علي يدها صرخت بأعلى صوتي لعلي أجد من ينقذني لكنني لم أجد أي إنسان أسرعت لأري والدي وجدته هو الأخر مصاب بقذيفة في البطن ولم يكن هناك إلا المصور يلتقط الصور ويصور أهلي وعائلتي بكاملها، وهم يسبحون في بحرٍ من الدماء بدلاً من السباحة في ماء البحر" .
شبكة فراس الإعلامية تحدثت مع يحيي غالية أخ الشهيد علي غالية وبدأ حديثه بالرحمة والمغفرة علي عائلة أخاه الذي ارتقي إلي العلا عصر يوم الجمعة التي وصفها بالسوداء الدموية الحمراء ، مشيرًا إلي أن الشهيد علي غالية الأخ البكر من إخوته وكان بمثابة أب وأم له ولبقية إخوته، نظراً لأنهم فقدوا والديهم وهم أطفال واصفاً إياه بالأب الحنون، مؤكداً أنه لم يشعر في يوم من الأيام بأنه يتيم، لأن كل الصفات الطيبة والأخلاق الحميدة كانت فيه، ،شاكرًا جميل وفضل زوجتي أخاه الشهيد رئيسة وحمدية غالية والتي كانتا بمثابة الأم الحانية العطوف الرءوف الرحوم علي أطفاله، داعيًا الله أن يتغمدهم جميعاً في رحمته والشفاء العاجل لزوجة أخاه حمدية وبقية أولادها .
نصري غالية أخت الشهيد علي غالية أكدت عبر شبكة فراس الإعلامية أن بإذن الله إذا دام في عمرها ستحث أبنائها علي سلك طريق الجهاد والاستشهاد، داعيةً الله أن يحرص جميع المجاهدين ومن يقوموا بأداء واجبهم الجهادي، ووجهت نصري غالية عبر شبكة فراس الإعلامية كلمةً إلي كل امرأة فلسطينية أن تحث أولادها علي الإيمان والجهاد والاستشهاد، واختيار احدي الحسنين إما طريق الجهاد أو طريق الاستشهاد، مشيرة إلي أن استشهاد أخاها وعائلته عزز وقوي مفاهيم كثيرة في داخلها ستزرعها في نفوس أبنائها.
أما المصور الصحفي، زكريا أبو هربيد، مدير المصورين في وكالة أنباء راماتان بقطاع غزة، والذي تمكن من نقل صور هزت مشاعر الملايين من أصحاب الضمائر الحية في هذا العالم عدا أصحاب القلوب المتحجرة في البيت الأبيض، فقد تحدث بصوتٍ مخنوق متحشرج وهو يوجه نظره إلى هدى الباكية وقال "تلقيت اتصالاً يفيد بأن هناك قصفًا في منطقة الواحة ركبت سيارة إسعاف أنا وزميلي، وتوجهنا إلى موقع القصف وكنا من الأوائل الذين تواجدوا في المكان".
وأضاف "نزلت بعيداً عن المكان وجريت فرأيت أن هناك أشلاءً وكنت محتاراً ماذا أفعل، وكنت أمام الطفلة هدى ودون مبالغة أنني بكيت أكثر منها، ولكني سيطرت على مشاعري وتركت الكاميرا تشتغل بمشاعري وكان الموقف صعبا جداً؛ فالعائلة جميعها استهدفت في منطقة على شاطئ البحر ".
وأضاف أبو هربيد "كنت حائراً بين المهنية والإنسانية كان الموقف إنسانيًا ولم أستطع أن استجمع أفكاري وما حصل معي بالتحديد أن تفاصيل الصورة وتفاصيل المكان كانا يحكيان كل شيء، الألعاب هنا وهناك، سرير الطفل، الطعام والشراب ومتعلقات أخرى للأسرة" ويضيف كان هدفي إيصال الصورة فهي أبلغ من أي عمل آخر ".
في هذه الأيام العصيبة التي نمر بها تقف الطفلة البريئة هدي غالية وتنضم إلي قافلة أيتام فلسطين، ومشاهد وصور عائلتها ستبقى وستعايشها لحظةٍ... بلحظة، لكن.... لا تهني ولا تحزني يا طفلتي البريئة فكل فلسطيني هو أباكي .....وكل فلسطينيية هي أمك.....وكفاكي يا ابنة فلسطين فخراً أن أسرتك التحقت بركب وقافلة الشهداء.
ناهد أبو هربيد
مواقع النشر (المفضلة)