فكما ان الشباب يتسرعون في اعمالهم بذريعة العصر الذي يعيشونه، فكذلك هناك صفة مناقضة، وتقف ضد السرعة، وهي الخمول والكسلِ فثمة عدد من الشباب يميلون الى الاسترخاء والراحة والكسل وكأنهم لم يدخلوا ساحة او ساعة الجد بعد، فترى الكثير من الاوقات المبعثرة.
يقولون ان الشباب عماد المستقبل، وهذا صحيح، لكن الاصح منه هو انهم عماد الحاضر والمستقبل، فالشباب في الوقت الراهن، اوالمرحلة الحاضرة من اعمارهم، ليسوا طاقات عاطلة او مجمدة في انتظار المستقبل.
ان فرصة الشاب المواتية ليست بعد اجتياز العشرين اوعند بلوغ الثلاثين، هي متاحة للتفجير من الآن، في ان يبني شخصيته، ويستثمر طاقاته وينمي معارفه، ويسهم في الانتاج والتطوير والتنمية، ولو على سبيل الاستعداد والتعلم لمرحلة اكبر انجازا واكثر عطاء وابداعا.
لقد كتب بعض الشبان والفتيات على انفسهم التعطيل او الدخول الى الثلاجة، او انهم وافقوا مجتمعاتهم على اعتبارهم طاقات مدخرة للمستقبل، فاكتفوا بالدراسة دون العمل، وبالمناهج الدراسية دون كتب العلم الواسعة، واستحالت عطلهم الربيعية والصيفية الى اوقات من اللهو والخدر بدلا من استثمارها في كسب المزيد من الخبرات والمهارات التي تثري الحاضر وتبشر بالمستقبل.
ان الشاب الكسول اوالمتكاسل شاب يرثى لهِ وقد كان بعض الائمة يسألون عن الشاب، فاذا قيل لهم انه في شغل كبر في اعينهم، واذا قيل انه عاطل سقط من اعينهمِ وقديما قيل: 'شاب كسول، شيخوخة متسولة'ِ فأسس المستقبل لا تقوم في المستقبل، وانما توضع من الان، وعلى متانة الحاضر يمكن قياس متانة وقوة المستقبل.
وثمة مفارقة يجب الالتفات اليها، فمفهوم الكسل والبطالة والتنبلة لا يتناسب اطلاقا مع مفهوم الشباب والحيوية والابداع والتجديد، والقدرة على المغامرة والتضحية، ومواجهة الصعاب والتفاؤل.
ولو نظرت الى مرحلة شباب كل العظماء لرأيتها طاقات متحركة، ومواهب مبدعة، ومنافسة لا ترضى بالقليل، وثقة لا يحدها شيء، فلا كسل ولا خمول ولا استرخاء ولا ترهل، ولذلك اصبحوا عظماء.
وقد قيل: 'من شب على شيء شاب عليه' وهذا يعني ان اعتياد التقاعس والخمول والتثاقل الى الارض، في مرحلة الشباب، قد يسري او يزحف على مساحات العمر الاخرى ما لم يعاجله الشاب او الفتاة ب 'ثورة' او 'انتفاضة' او 'حركة تصحيحية'.
ولو ان النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يرى ان همة الشباب قصيرة، وان شيمتهم الخمول والخدر، لما اوكل احدى مهمات التبليغ الكبرى لشاب اسمه 'مصعب بن عمير' ولما اوكل احدى المهمات العسكرية الصعبة لشاب اسمه 'اسامة بن زيد' ولما اوصى بان يغتنم الشبان شبابهم قبل هرمهم!
مواقع النشر (المفضلة)