بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أعرف من أين أبدأ !!
ولا كيف أبدأ !!
لـ أول مرّة أحس أني لا أستطيع كتابة حرف !!
ولكن سـ أحاول جاهداً أن أبدأ من البداية ،، حتى أستطيع أن أكتب شيئاً يقرأ !!
لك ياصديقي !!
عرفتك منذ مايقارب الخمس سنوات !!
كانت بداية معرفتي لك عن طريق صديق آخر ..
عرفتك وأحببت إقبالك على الحياة ،، وأحببت طموحك العالي ،، وأحلامك التي لاتنتهي ..
شدّني إليك علوّ همتك ،، وعدم إنشغالك بما يشغل الشباب اليوم ،، من أرقام مميزة ،، ومكالمات عاطفية ،، وصداقات القيرل فيرند وغيرها مما يكسر طموح الشباب ويشغلهم عن مستقبلهم ..
أعجبتني شخصيتك ،، ووددت التعرّف إليك أكثر ،، وما أسعدها من لحظات حين وجدت بيننا رؤى متشابهة وأفكاراً وتفاكيـر تكاد تكون خرجت من رأس شخص واحد !!
أحببتك في الله ،، وتقرّبت منك أكثر ،، وصرنا نخرج سويّة ونغدو سويّة ،، نقرأ الكتب نفسها ،، ونرى الدنيا بـ ذات العين ..
أتيحت لك فرصة الابتعاث وتحصيل شهادة الماجستير ..
كنت سعيداً ولكنك خائف في نفس الوقت ..
ولكن صدقني ياصديقي ،، لـ سعادتي بـ خبر إبتعاثك ،، أكبر من سعادتك بـ هذا الخبر !!
لأن من أجمل الأمور في هذه الدنيا الفانية ،، ان تجد من تعتبره أخاً وصديقاً ورفيقاً لك ،، يصل إلى ما لم تستطع الوصول إليه ..
ربما تمنيت في يوم من الأيام ولاتزال هذه الأمنية قائمة أن أحصل على البكالريوس ،، ولكن لم أفلح !!
فـ حصلت انت عليه وسعدت به أكثر منك ..
أتذكر ياصديقي عندما كنت أتصل بك لـ أطمئن على آدائك بعد كل اختبار ؟!!
أتذكر ياصديقي حين لم أستطع النوم في تلك الليلة التي علمنا أن صباحها هو إعلان النتائج ؟!!
والله ماكان هذا الا لـ حبي لك في الله ولـ أمنيتي لك بـ أن تصل إلى ما لم أستطع الوصول له ..
وبعد قرار الابتعاث ..
دعمتك انا ومن حولك وشجعناك ،،
بكل جوارحي عدا قلبي !!
أو بـ الأصح جزء من قلبي !!
لأن هذا الجزء يعلم أنك سـ تفارقه لـ مدة ثلاث سنوات وقد تزيد !!
اجتهدنا معك في تجهيز أوراق الابتعاث ولو كان أغلب اجتهادنا بقلوبنا وبـ ألسن تدعوا الله أن يكتب لك الخير ويوفقك ..
وبعد فترة وجيزة ..
تحدد موعد الرحلة ..
لم أكن أريد أن أفكر في يوم رحيـلك ..
ولم أكن أريد أن أفكر بـ أنك سـ تغيب ..
ولكن !!
بعد إقتراب اليوم المحدد لـ الرحيل ..
تغيرت انا كلياً ،،
جسدياً ،، ونفسياً ،، وحتى عملياً ..
لم أعد أستطع أن أقوم بـ عملي بـ أي شكل كان ..
الكل قال أني تغيّرت ..
وانا أنكر ذلك ،، رغم تيقّني بـ تغيري في داخلي ..
واليوم ،، موعد الرحيـل ..
إجتمع الأصحاب والأحباب في المطار ،، الكل كان بـ حالة هستيرية من الضحك والفرفرشة ..
لا أحد منا يريد أن يسكت حتى لا يسمع صوت المنادي وهو ينادي عن إقلاع طائرتك..
وحتى لايأخذه التفكير إلى لحظة الوداع ..
الكل أخذ يتصوّر معك صوراً لـ الذكرى إلا انا !!
لا أعلم لماذا ؟!
ولكن كان هناك شعور غريب أرهق قلبي ..
ربما كان خوفاً من أن أتصور معك وأراجع الصور في ذاكرتي كل يوم ..
ربما كان استنكاراً من ذلك الجزء من القلب الذي لايريدك أن ترحل ..
وربما كان استنفاراً ،، وعدم تصديق بـ أنك سـ ترحل فعلاً ..
وأتت ساعة الرحيـل ..
الكل يودعك بـ ابتسامة ويضمّك بـ لهفة أشتياق وأنت لم ترحل بعد ..
إلا أنا كنت ابتعد إلى الوراء خطوة خطوة !!
حتى كنت آخر من ودّعك ..
لم تصافحني ياصديقي كما فعلت مع من سبقني بـ توديعك !!
فقد ضممتني بحرقة وانا أمسكتك بـ احتراق ..
لا أريد أن أفلتك من يدي !!
ولكن !!
خانني عقلي وأفلتك يا صديقي ..
تركتك تذهب ،، فـ إذا بعيني فجأة تنهال بـ دموعها ..
بعدما أيقنت نفسي أخيراً أنك راحل ..
هنا ،، لم أستطع حتى السلام على من كان معنا !!
فـ كل ما أستطعت فعله ،، هو إدارة وجهي والذهاب مسرعاً نحو سيارتي ،، ورأسي ينظر إلى الأرض كـ من يبحث عن شي وقع منه ..
لم أكن أرد أن يرى أحداً تلك الدموع ،، ولم أكن أرد أن أظهر بـ هذا الشكل !!
ولكن قدرك العالي والغالي ..
ومحبتك في قلبي ،، كانت أقوى مني ..
أتعلم ياصديقي !!
كم حلمت أن يكون لي أخاً يكون سنداً لي وقت الحاجة ،، وطرباً لي وقت الرخاء ،، وصدراً لي وقت تجمع الهموم ..
ولكن كانت أحلامي بسيطة ،، مقارنةً بـ ماوجدته فيك من عمق الأخوّة والمحبة ..
لا أريد من اليوم أن أناديك بـ صديقي !!
بل سـ أناديك بـ أخي !!
أعذرني يا أخي ،، فـ لم أستطع أن أعبر يوماً عمّا في خوالجي لك من محبة وإمتنان ،، ولكن دموعي التي لاتزال تملأ عيني ومحجري ،، كتبت على ثيابي معزوفة وداعٍ لك ..
رعاك الله وحفظك من كل سوء يا أخي ..
وردّك لنا سالماً مرفوع الرأس ..
وداعاً !!
أقصد إلى اللقاء يا أخي بعد ثلاث سنوات إن شاء الله ..
أخوكـ /
عــبــد اللــه
مواقع النشر (المفضلة)