V.i.p
لوحة صغيرة نجدها احيانا في الأماكن التي تقدم خدماتها للمواطنين مكتوب عليها (v.i.p) بمطار أو بنك أو صالة فندق وطبعاً الأماكن هذه نصيبي منها هو اخذ نفساً عميق وأطلاق العنان للنظر والتأمل بجمالها . دخول أمثالي لها يعتبر تجاوزاً وتكسيراً للبروتوكولات المعمول بها لدى كبار الشخصيات فقط ورحم الله امرؤ عرف قدر نفسه .
ذات يوم طلب مني أحد الأشخاص أن أذهب لأحد البنوك المحلية وهو أكثر البنوك كرهاً بالنسبة لي فأعتذرت لأن الطوابير بذلك البنك التعيس قد تصل إلى الأحياء المجاورة (وأظنكم عرفتموه ) راعي نظرية دع ما يريبك إلى ما لايريبك - مع التحفظ - على هذا الشعار واستغلاله .
المهم قال لي هذا الشخص : لا ولا يهمك مالك ومال الطوابير أنا حسابي (v.i.p) وبتشوف الفرق إذا رحت . بيني وبينكم ما صدقت خبر وقلت فرصة منها تشخيص ومنها أشوف التعامل كيف بطريقة كبار الشخصيات .
رحت البنك ودخلت وإلا الطوابير كالعادة مريت جنبهم وأنا أقول داخل نفسي الله يعينكم صحيح ان العز نعيم (وتألمت من أجلهم) بس وش يسوي الواحد الناس مقامات . دخلت على الموظف بمكتب (كبار الشخصيات) ونشوة ( العظماء تعلو هامتي ) وكنت متوقع يفز من كرسيه ويسلم علي ويسألني عصير أو قهوة وطبعاً مع الجملة الشهيرة في مثل هذه اللحظات التاريخية واللي من زمان ودي أسمعها ( طال عمرك ) وبيقولي وش أقدر أخدمك فيه .
وش تتوقعون اللي صار ؟؟؟؟؟
الموظف مارد السلام أصلاً كان مشغول ويكتب بأورا ق وعابس وجهه ومن التهور مقاطعته في هذه الحالة.
بلعتها وجلست يوم تعبت وأنا واقف أمام مكتب سموه الكريم .
سألته ممكن أدخل المبلغ هذا بالحساب ؟ قال رح جب ورقة ايداع الله لا يهينك وعب البيانات . قلت سم طال عمرك وتبي بالمرة أجيبلك عصير وإلا قهوة . ضحك وقال شكراً شكراً شكلك أول مرة تجي عندنا . قلت أنا كنت من رواد الطوابير عندكم بس أبشرك رحت لبنك ثاني ما يحبون يشوفون العملاء واقفين يعطونهم أرقام وكل واحد ينتظر دوره ويقوم يخلص شغله ويمشي . طلعت من عنده ورحت عبيت ورقة الأيداع ووقفت بالطابور وحين جاء دوري ضغط الموظف على أزرار الكمبيوتر ونظر لي نظرة أستغراب وقال : ليه واقف بالطابور انت عميل (v.i.p) من قدكم يا عم لكم مكتب خدمات خاص بكبار العملاء أنت أول مرة تجي البنك . قلت يا خوي كمل العملية وخلصني . أنا ما أحب التمييز والطبقية الناس سواسية والتواضع مطلوب هذه مباديء أستعمارية أراد الغرب غرسها في شعوبنا المسلمة المحافظة على عاداتها وتقاليدها الأصيلة . وكان ودي صراحة اخطب خطبة عصماء عن نظرية المؤامرة بس ماجابوا لي مايكرفون ( اللي وراي بالطابور يتبسم ويقول ماشاء الله على التواضع الله يزيدك كمان وكمان ).
سؤال دائما .... يدور داخل نفسي ... متى يستطيع الانسان تسيير النظام ... ومتى يستطيع النظام
تسيير الأنسان ..... وآسف على الأطالة ..... بس صورة من صور تعاساتنا اليومية أحببت اشاركم فيها
تحياتي للجميع
مواقع النشر (المفضلة)