عندما ياتي المساء..


وتُرسم النجوم على سطح السماء..
عندما ينام المطر ويخفي ورائنا القمر..
عندما تُنار أضواء الطفولة ..
و عندما تحتار الأجنة في الأرحام..
عندما يستفيق العشاق..
ويذكرون أحلامهم بعيداً عن الفراق..
عندما تغيب مخالب الترح..
وتسكن الربوع شمس الفرح..
عندما يؤم السكون عقارب الساعة..
وتغمض العيون وتهدأ حركة الجفون..
عندها..
تتطاير همسات المحبين خلف الجدران..
وتتلامس الأيدي فوق السحاب وفوق النجوم..
عندما تٌحقن الجفون بعناقيد الأحلام..
وتتلاحم الأجساد..
عندما تملك يداي مفتاح الحكاية..
وارصف طريقي بمشاعل النهاية
عندها تأبى الجروح الألتئام..
ويستقر هوى العشق وسهاد السهر..


حبيبتي..


عندما يأتي المساء
وأجد نفسي قابضً على كلمات وأشعار..
وأفيق على صور وهمسات وتذكار..
عندما يحمل القدر أقسى الأخبار..
وعندما تُحرم القلوب وتجرفها قساوة الأمطار..
عندها..
يستحيل ان تكون بائع العطور..
ويستحيل ان أغمرك بأحلام وكلمات على سطور..


عندما تقسى علينا الساعات ويقتلنا ضوء الفجر..
وعندما تتناها قبلاتنا مع انعدام السهر..
وعندما يهجر القمر ديارنا ..
و لا تشرق الشمس من شرقنا..
عندها يدفن حبنا..
ويأتي المساء..
بعدها..


يزور الربيع الأرض..
واشتاق لكِ في أواخر آذار ..
كما يشتاق المجنون للتسامر والسهر..
سأشتاق لكِ في آذار ..
لنمسح عن كوننا كل الغبار..
وتعلو صيحاتنا فوق الكواكب والأقمار..
سأشتاق لكِ في آذار ..
أكثر من أي يوم وشهر وتذكار..
وكل هذا في آذار..
سأشتاق للورد عند شارع بيتكِ في أوائل نيسان..
واللوز النابت والعنبر والريحان..

سأشتاق لكِ..
وسأرمم قلبي من جروح الزمان..
ليأتي أيار حاملاً شروراً وأسرار..
فعندها يأتي المساء..


ويزرع حزيران دروب الجفا..
لننأى على موسم حصاد في أواخر تموز..
سيأتي تموز يا حبيبتي..
وسأشتاق لكِ يومها..
ولكن..


أتدرين!!


لن اشتاق لكِ في آب
ستنسيني حرارة آب طرق الابواب..
وينسيني ظلام المساء قدوم المساء..
وينتهي بي الحب والسراب..
عندها يأتي المساء حزيناً..
حبيبتي..


أرى غيمة في خاطري..
وجفوني على الأفق سحابة..
اُعييت بالصمم..
فهل تحمل الأيام علاجها..
كثر الهجر على القلب..
فأنتي من تعادينه..
ناجيتَ قلبي لكي ترتضين به..
ولن تجدين قلب يشبه قلبي..
أيتها الساكنه في روحي وجسدي..
أيتها المزروعه في عيني ودمي..
أي سر جمال لم تحتويه..
وأي سر ليس فيك لا ادري..
فكل حركاتكِ تُغري..
فعندما يأتي المساء..


أرى زورقاً يموج في نظراتكِ..
ويفوح بخصلة عطر..
لتُحمل الأحرف والكلمات لابني لكِ أحلى شعر..
وأغفو وتنهكني الأوراق والحكايا..
عندها…يأتي المساء..


ويرفرف الصمت هناك ..

ولكن..
كل ما فيكِ من حسنٍ يُغنى..
فكم وتر نام على لحن صدركِ
وكم عود رقد في صمت مرن..
عندما يأتي مساء آذار ..
وتأتي لحظات آذار كل عام..
تصبح الدنيا هجير وآهات..
وتزهر في البساتين طوابير ومقامات..
لينتهي بنا القدر..
وليأتي بنا المساء..


ربما يزخر ظلكِ بالنور..
وربما يزخر بعدكِ بالحسن..
فلو جرت في خاطري أقصى المنى..
لتمنيت خيالاً من خيالاتكي..
ولو ملكت مفتاح العودة..
لسرقت مساءكِ..
حبيبتي..


عندما يأتي المساء...
وتضيق بيَّ الدنيا
ويستفيق بيَّ الانا..
لأغرق خلف لحظة المنى..
عندها يأتي المساء باكراً..
ويهرب النهار في طياته اوجاعاً وألم..
ويأتي المساء طويلاً في تفانٍ ولهفة وأمل ..


احســاس خــالـــد..