النميمة خلق سيىء وناره محرقة (أقصد الخلق)، لو لم ينه عنها الدين لاجتنبها أصحاب المروءة والخلق القويم.
ولقد قال العرب وغير العرب من الأمم أقوالا تبين ما للنميمة من أخطار من ذلك قول الخليفة المأمون:
«النميمة لا تقرب مودة إلا أفسدتها ولا عداوة إلا جددتها ولا جماعة إلا فرقتها».
والنام يعتبر لصا يسرق المودات من الناس ويسرق الوئام والصداقة من الاهل والاحباب والأصدقاء.
والنمام له صفات دنيئة قد تفوت على بعض الناس فهو يحرش ويغري بطريقة ذكية شيطانية لا تبدو كذلك للساذج وقليل التجربة وهو بذلك يسعى ليوقع الفتنة بين الناس وخاصة الأهل والأصدقاء والأحباب.
وهو يعمل عقله وجهده ولسانه ليزين الكذب الذي ينقله ويغلفه بغلاف براق يحسبه الجاهل به صدقا.
والنم في اللغة له معنيان:
الأول: إظهار الشيء وإبرازه.
والثاني: لون من الألوان.
وكلا المعنيين ينطبقان على هذا الكائن، الذي يسعى بالنميمة بين الناس، فمن المعنى الأول، إنه لا يبقي الكلام في جوفه بل يظهره بسوء نية ومن المعنى الثاني، إنه يضفي على كلامه لونا مقبولا خادعا، ليوقع مستمعه في شركه، والمشكلة لا تكمن في النمام نفسه، ولا في نميمته وما ينقل من قول قبيح كسريرته، المشكلة تكمن في قدرة هذا الشيطان المتلون، في تمويه وتمرير كلامه على العقلاء، هنا تكمن الخطورة، وهنا تكمن قدرة هذا الحامل لجرثومة الفساد الاجتماعي، والنمام من الذي يحركه ويجعله يسعى سعي المجد، في تشتيت شمل الناس، تحركه عدة أمور منها:
الحسد، وهو الداء الأول، الذي يحرك أصحاب القلوب الخاوية من الإيمان، ومن ذلك ايضا الحقد، فهو لا يسره التئام شمل الناس، فتتورم نفسه من العلاقات الحسنة بين الناس، وكذلك من تلك الصفات الكراهية، وهذا داء عضال، فهو مما يظهر يحب نفسه ويكره الناس والواقع أن كراهيته لنفسه، أكبر لأن أخلاق الناس، وتعاملهم مع بعضهم، تنبع من دواخلهم، قال الشاعر:
والذي نفسه بغير جمال
لا يرى في الوجود شيئا جميلا
ومن كانت نفسه بلقعا من الإيمان بالله تعالى ولا تخاف من عقابه أو ترجو ثوابه هذا الذي هو يسعى بين الناس بما يفرق ويهدم علاقاتهم.
إن المؤمن الحق يخاف ربه قبل أن يخاف عباده.
وأخيرا قالت العرب: من نم لك نم عليك فاربأ بنفسك أن تكونه وخذ حذرك منه حمانا الله وإياكم منه.
مواقع النشر (المفضلة)