كلما تطور الفرد وارتقى في تفكيره ونظرته للحياة، كلما زادت مساهماته وأعماله الخيرية. ونرى في المجتمعات المتقدمة، كيف يسيطر العمل الخيري على اهتمام كل الشرائح الاجتماعية، بل إن رجال أعمال كبارا يتبرعون بالحصة الأكبر من ثروتهم للعمل الخيري، مثل رجل الأعمال الأميركي وارن بافت الذي تبرع بنحو 37 مليار دولار، أي نحو 85 في المائة من إجمالي ثروته، للأعمال الخيرية.
إن وجود أشخاص يهتمون بالعمل الخيري ويضحون بأوقاتهم وثرواتهم في سبيله، هو ملمح إنساني نقي، يعيد لنا قناعتنا في وجود الخير وتناميه، وهذا يشكل خط التوازن الذي يحمي العلاقات الإنسانية في المجتمعات.
ما يعيب زمننا هذا، هو حدة المادية المفرطة، التي تجعل الجميع يلهث في حفل، معروف مسبقا نهايته، ورغم ذلك ينسى الجميع النهاية, وينشغلون بالتفاصيل الصغيرة.
إننا حينما نقارن بين مساهمات رجال الأعمال في الدول المتقدمة، الذين يعتبرون العمل الخيري جزءا من مسؤولياتهم، ورد دين للمجتمعات التي استفادوا منها، وبين مساهمات بعض الأثرياء العرب، نشعر بالخجل. فأناس يصنعون ثرواتهم بكل الطرق الممكنة، وربما غير الممكنة، ثم لا نسمع إلا عن قصصهم ومغامراتهم في أنحاء العالم، بينما عملهم الخيري شبه معدوم أو محدود. بينما في المجتمعات المتقدمة يصنعون ثرواتهم بجهدهم وبابتكاراتهم، ويحققون ثروات هائلة ليعودوا ويتبرعوا بالحصة الأكبر منها للمحتاجين والمشاريع الخيرية.
مقارنة مخجلة، ففي حين أن ديننا يحثنا على مبدأ التكافل، فإننا نعجز عن ترجمة هذا إلى واقع فعلي، بينما آخرون يرسمون لوحة رائعة للحس الإنساني الراقي.
المادة وسيلة وليست غاية، فما معنى كل هذا الثراء في العالم ما لم تكن سعيدا من الداخل؟ فاحتياجات الإنسان بسيطة، والسعادة تنطلق من جوهر الإنسان. العطاء يغسل النفس من الداخل، ويجعلنا أكثر تصالحا مع أنفسنا.
السعادة في العطاء
والإحساس بالآخرين
وكلما رسمت ابتسامة
على وجه إنسان ...
كلما جعلت حياتك أجمل.
مواقع النشر (المفضلة)