لسبب ما نصاب أحيانا بالحزن
ربما لفقدان شيء يعني لنا الكثير
أو لرحيل إنسان لانستوعب فكرة رحيله
ولانملك القدرة على مواجهة واقع غيابه
أو لسماع نبأ حزين يقع علينا وقوع الجبل
أو لرؤية مشاهد تثير بنا من الاحاسيس مانكره
وعندها ، يتجول بنا إحساس الحزن
قد يأخذ دورته القصيرة بنا
ثم يرحل بلا بصمة غائره أو أثر يُذكر
أو قد يتضخم بنا بشكل مخيف
ويتفرع فينا كالأشجار العتيقة
ويصبح مع الوقت شيئا لايمكننا التخلص منه
لأن أعماقنا أصبحت لجذوره وطنا
وبقاء الحزن بنا يفقدنا الكثير
فمع الوقت نصبح أسرى للحزن
ونبقى سجناء دائرة ضيقة من الحزن
ونفقد إحساسنا بمتعة الأشياء
ونفقد الإحساس بالحياة ذاتها
فلا نرى من الوجود سوى وجه الحزن
الذي ينمو مع الوقت بنا كجنين غير مرغوب فيه
وكلما مر بنا العمر كلما صعب علينا التخلّص من الحزن
لأننا دون أن نشعر نعجن منه ونتشكل به ونصبح كتلة من الحزن
كتلة يتحاشاها الآخرون تجنبا لعدوى الحزن
فالحزن إحساس ينتقل منا كالعدوى الى الآخرين
وقد نكتشف حجم الوحده من حولنا
حين نكتشف تقلّص عدد المحيطين من حولنا
أو لغياب الناس من حولنا فلكل همـــه الذي لم يبق فيه
لهموم الآخرين مكان
فنحن في زمن لايمنح الفرح الا قليلا
لذلك نرى تسارع الأغلبية لكل مافيه للفرح رائحه
وتجنب أهل الحزن
تجنبا للمزيد من الهم
ونشعر أحيانا بأن معجزه ما قد حدثت
وأن الحزن قد غادرنا أخيرا بلا عودة
لكننا سريعا ما نعود للشعور بالاحباط
حين نكتشف قصر عمر الفرح في عمرنا
وحين نكتشف أن الحزن كان يمازحنا حين اختبأ عنا
ربما كي يظهر بصورة أقوى
لكن ، الى متى
الى متى سنبقى اوفياء لحزن عتيق
الى متى سنحتفظ بصناديق الحزن في اعماقنا
الى متى سنبقى سجناء دائرة مظلمة
الى متى سنبقى خلف الحائط الفاصل بيننا وبين الفرح
الى متى سنبقى متسترين بملابس الهم والوهم
الى متى سيبقى قيدنا في يد الحزن
يسحبنا ، يجرنا ، يأخذنا الى مدن بعيده عن الحياة
محــــاولة أخيرة للتحرر
اذا كنت من ضحايا الحزن طويل الأمد فاسأل نفسك
ماذا أبقى الحزن لك
واسأل الحزن
أيهــا الحزن ، ماذا أبقيــت لي
ثم تجول بك ، وتلفت حولك
لتقرأ اجابة سؤالك
مواقع النشر (المفضلة)