ما من شيء يُميز الشخص الرائع المليء بالإيمان والخلق الإسلامي الرفيع مثل حفظه للأمانة فالإنسان الأمين هو الأنموذج الصادق والمشرف لتعاليم ديننا الحنيف.. هذا الدين الذي لو طبقناه على أكمل وجه لكان ذلك خيراً كبيراً لنا وفضلاً للعالمين من حولنا.. لما له من تأثير عميق وصادق في النفوس التواقة للعيش بطمأنينة وسعادة أبدية.. فديننا يدعونا لفعل الخير على الدوام ولكل ما هو راقٍ من قول وعمل يدعونا للتحلي بالصدق ومكارم الأخلاق وحسن الخلق وصلة الرحم وإفشاء السلام واحترام الجار وزيارة المريض وإزالة الأذى وحفظ الأمانة..!!
والأمانة كما هو معلوم لدى الأغلبية منا وكما هو معروف عند الكثيرين بمثابة حمل عظيم على الإنسان لقول الله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}
ومن هنا فإن كل إنسان مؤتمن على سر ما أو عمل ما أو حاجة من حوائج الدنيا عليه أن يحفظها ويكون حريصاً عليها من التلف أو الضياع وكذلك عليه أيضاً أن يؤديها إلى أهلها.. فالكثير من الناس منحوا آخرين ثقتهم وأعطوهم أشياء مهمة لتكون أمانه عندهم فحافظوا عليها وأعادوها إليهم حينما طلبوا منهم ذلك.. فهؤلاء هم أمثلة صادقة للإنسان الأمين بحفظهم للأمانة التي كانت لديهم للآخرين..!! وفي المقابل يوجد هناك من يخون الأمانة ولا يراعون ضمائرهم.. وبالتالي يسلبون الناس أشياءهم دونما وجه حق ما يترتب على هذه الخيانة من أمور عدة بينها الإضرار بصاحب الأمانة مادياً ومعنوياً سواء بفقدانه حلاله أو الثقة في الناس والتحسر على أنه لم يوفق في اختيار الشخص المناسب الأمر الذي قد يجعله ينظر إلى الناس ظن السوء.. فالإنسان حينما يتعرض للخيانة من إنسان استأمنه يظل يعاني كثيراً من الخيانة بذاتها إضافة إلى معاناته من الثقة التي لم تكن في محلها.. وهذا يعني أنك حينما تكتشف أن الشخص المؤتمن أخل بالعهد والميثاق.. فإنك ستشعر بحزن عميق وسينتابك إحساس بعدم الثقه في الآخرين.. فضلاً عن أنك ستحزن على الشخص الخائن لأنه سلك طريقاً غير سوي يؤدي دون شك إلى التهلكة والضياع..!! كما أن الإنسان الخائن لا يمكن أن يكون لديه وازع ديني أو أخلاقي أو إنساني ما يؤكد أن لديه استعداداً لفعل أي شيء آخر مهما كان مضراً بالآخرين فالشخص الخائن لا يمكن أن يكون إنساناً سليماً أو نافعاً لمجتمعه أو لنفسه..!!
ولهذا فعلينا جميعاً أن نكون أمناء جداً وأكثر حرصاً على حفظ الأمانة مهما كانت صغيرة أو كبيرة ومهما كانت نظرتنا لها.. وعلينا كذلك عدم الاستهانه بها أو اعتبارها من بين ممتلكاتنا أو على نحو.. يندرج ضمن حدود صلاحياتنا ما لم يكن هناك إذن مسبق من أصحابها..!! فهناك أمور تتشابه على البعض منا بحسن نية بحيث يعتبرون أن ما لديهم من أمانات مخصصة للحفظ يمكن أن يستعيروها وقت الحاجة ويعيدوها بعد ذلك.. فمثلاً حين يكون لدى هؤلاء البعض أمانة مالية فإنه يأخذ منها على أن يسددها قبل موعد إرجاع الأمانة لصاحبها أو قد يكون لديه سيارة فحين يلزمه مشوار بصحبة العائلة للسوق أو للتنزه فإنه قد لا يتردد في الاستعانة بها لقضاء مشاويره ظناً منه أن الحال من بعضه..!! غير أن في مثل هذا التصرف التعدي على حقوق غيرنا بالتعرض لأماناتهم واستخدامها لمصالحهم.. ما قد يوقعهم في المحظور من حيث لا يعلمون فالاستئذان من صاحب الوديعة أمر مهم وضروري جداً قبل القيام بأي تصرف أو عمل فالأمانة حمل عظيم وهي ما يُميز المؤمن عن غيره فلنكن مؤمنين وأمناء ولن نندم..!!
مواقع النشر (المفضلة)