1- الظن أن ذلك من الجدية: يظن البعض أن عدم الابتسام هو جزء من الجدية التي لابد منها في شخصية الإنسان وهي من كمال الدين، وهذا ظن ليس في محله حيث إن الناس جُبلوا علي الميل والمحبة لمن يبش في وجوههم، وأما ما يتعلق بالجدية فإنه لا يوجد أكثر من جدية الرسول - صلي الله عليه وسلم - وعن سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ قال: (نعم كثيراً، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتي تطلع الشمس، فإذا طلعت قام، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون، ويبتسم) رواه مسلم. ولم يكن هذا التبسم لينقص من مكانته - صلي الله عليه وسلم - وإنما هو اللطف الذي ما خالط شيئاً إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه.
2- الخوف من قسوة القلب: يخلط بعض الناس بين الإكثار من الضحك والذي أخبر به الرسول صلي الله عليه أنه سبيل لموت القلب وبين أهمية وضرورة الابتسام والضحك المعتدل لتقويم النفس وإزالة الهم وكسب الآخرين.. وعلينا الانتباه جيداً إلي شاطحات الزهاد فإنها كثيرة كقولهم: (ما ضحك فلان قط) أو (ما رؤي فلان إلا مهموماً) فهذا خلاف الفطرة والسنة النبوية. وما جاء في نص الحديث الذي رواه ابن ماجه بإسناد صحيح (لا تكثر الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب) فلم ينه عن الضحك إنما نهي عن كثرته.
3- ظروف النشأة: لها دور كبير في حياة الإنسان، فمن يولد بين أبوين غضوبين تقل الابتسامة علي محياه، فلا تراه مبتسماً أبداً، وهذا تبعاً للظروف البيئية التي تحيطة.
4- طبيعة الإنسان العصبية وكثرة سوء الظن عنده، وتعامل الصعب كلها عوامل تدفع الإنسان إلي قلة التبسم.
هل نستسلم للموانع؟
كلا فلا بد أن تكون لنا إرادة قوية تتعالي على الهم والمصيبة، ولنتذكر أننا لن نغير شيئاً مما قدره الله تعالي علينا بغضبنا وهمنا وعبوسنا، وأننا سنخسر الكثير من صحتنا عندما نغضب ونخسر الآخرين عندما نعبس وقد نخسر الدين عندما يتجاوز الهم والغضب الي الاحتجاج علي قدر الله تعالي. ولنستيقين دائماً بالقاعدة التي أخبرنا بها رسولنا صلي الله عليه وسلم (إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم) فإذا لم تكن البشاشة من طبعنا فلنتعلم كيف نبتسم ولنحاول أن يكون ذلك من طبيعتنا بعد أن نتذكر ثمار الابتسام والضحك، (كتيب ابتسم، عبد الحميد البلالي ص 60).
فاحرص أخي الكريم علي الابتسامة الصادقة الصافية التي تعكس ما في القلب من محبة وتآلف ولتحذر من الابتسامة المصطنعة التي تخفي وراءها الأحقاد
يقول ابن القيم في أهمية البشاشة: ( إن الناس ينفرون من الكثيف ولو بلغ في الدين ما بلغ، ولله ما يجلب اللطف والظرف من القلوب فليس الثقلاء بخواص الأولياء، وما ثقل أحد علي قلوب الصادقين المخلصين إلا من آفة هناك، وإلا فهذه الطريق تكسو العبد حلاوة ولطافة وظرفا، فتري الصادق فيها من أحب الناس وألطفهم وقد زالت عنه ثقالة النفس وكدورة الطبع).
ويقول الإمام ابن عيينه:
(والبشاشة مصيدة المودة، والبر شيء هين: وجه طليق وكلام لين).
مواقع النشر (المفضلة)