أسعد الناس حالاً وأشرحهم صدراً هو الذي يريد الآخرة ، فلا يحسد الناس على ما آتاهم الله تعالى من فضله ، وإنما عنده رسالةٌ من الخير ، ومُثـُلٌ ساميةٌ من البر والإحسان ، يريد إيصال نفعه إلى الناس ، فإن لم يستطع ، كفّ عنهم أذاه .
وانظر إلى ابن عباس رضي الله عنه بحر العلوم وترجمان القرآن كيف استطاع بخلقه الجم وسخاوة نفسه وسعة مساراته الشرعية أن يحوّل أعداءه من بني أميّة وبني مروان ومن شايعهم إلى أصدقاء ، فانتفع الناس بعلمه وفهمه فملأ المجامع فقهاً وذكراً وتفسيراً وخيراً .
لقد نسي ابن عباس رضي الله عنه أيام الجمل وصفين ، وما قبلها وما بعدها ، وانطلق يبني ويُصلح ، ويرتُقُ الفتقَ ، ويمسحُ الجراح ، فأحبه الجميع وأصبح بحق حبر الأمة المحمدية .
إن الرفق واللين ، والصفح والعفو صفات لا يجمعها إلا القلة القليلة من البشر لأنها تُكلف الإنسان هضم نفسه وكبح طموحه ، وإلجام اندفاعه وتطلعه .
مواقع النشر (المفضلة)