نــــــــــــــــور"يبث الظلام
" نور" يبث الظلام
أغلقت بابي من سيفتح بابي *** ومن الذي يسعى إلى إغضابي
العالم المسحور جمع هاهنا *** في غرفتي وانـدس بين ثيابـي
حينما تصبح قيمنا ومبادئنا ريشة تهبها الريح، وتهوي بها إلى حضيض الوجود؛ لتركمها مع مخلفات بقايا التاريخ فسلامٌ عندها على الفضيلة والحرية والإباء !!
أيها الأكارم :
إن جند العلمانية الأوفياء لا يألون جهداً، ولا يدخرون وسعاً؛ في سبيل اجتثاث الأمة من تاريخها وأصولها وابتعادها عن تمسكها بدينها وكتاب ربها – سبحانه - ، فالمسرحية التي يمثلها بنو جلدتنا من أحفاد الغرب وأعوانه لا تقف فصولها عند مشهد أخير .. فهم يبدأون ولكن لا نهاية لمخططاتهم، إنهم لا يريدون نزع حجاب الوجه بل مقصدهم نزع حجاب الدين والشرع المطهر.
إنهم لا يريدون قيادة المرأة للسيارة بل يسعون لقيادتها إلى العهر والفساد والانحلال.
إنهم لا يفرحون بفتوى تجيز سفر المرأة بلا محرم بل هم يتشوّفون لـ "سفرها المحرم" .
ولا أعدو الحقيقة إن قلت : إنهم لا يريدون ابتعاث المرأة لبلاد الغرب من أجل العلم والمعرفة فحسب، بل يريدونها تعود وقد نزعت جلباب الحياء في تلك البلاد لتكون خير سفير لهم – أعني لبلاد الغرب – !!
والكلام في هذه القضايا لا ينتهي فهو حديث ذو شجون وأشجان.
ولكن ما تجدر الإشارة إليه: أن هذا المخطط إنما يجري تنفيذه على عدة نطاقات، وقد جانب الصواب من ظن أنه يجري على نطاق واحد يدبر لنا من جهة الغرب.
بل الهجمة – يا أكارم – واسعة النطاق، ويجري العمل عليها في مسارات ومستويات متعددة، فلنا من بني جلدتنا ومن أبناء بلاد الحرمين، ومن إخواننا فيما جاورنا من البلاد من يقوم بدور لا يقل أهمية عن نظيره في بلاد الغرب، وهكذا تتسع الدوائر وتتعدد المسارات، وعليه فالعبء كبير، والحمل ثقيل، وواجب العلماء والدعاة وطلبة العلم لا ينبغي التهاون أو التردد في عمله، والجهاد كما يكون بالسيف والسنان فإنه يكون بالبيان واللسان.
وربنا تبارك وتعالى يقول في محكم آي الكتاب: (( انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ))[التوبة:41] .
وقد سمعت للشيخ المفضال "عبد العزيز الجليل" تخريجاً بديعاً لهذه الآية أحسن توظيفه – وفقه الله – حيث قال ( بما معناه ) : لئن كان هذا في حق الجهاد البدني إن دهم العدو بلاد المسلمين فيتعين عليهم رد هذا العدو.
فيقال مثل ذلك في هذا الغزو الفكري والعقدي والثقافي فيتعين على عامة الناس – فضلاً عن العلماء وطلبة العلم – دفع هذا العدو ورد كيده.
أيها الأكارم:
إن مما يدمي القلب، وينكأ جراحه الغائرة؛ هو تلكم السطحية التي تجذرت أصولها في عقول كثير من شبابنا هذه الأيام.
فما أطل علينا من أطباق الفضاء : مسلسل سُمِّي زوراً وبهتاناً " نور" !! وهو والله ظلام يبث الفحش والمنكر ويدعو إلى الرذيلة ويعلم الانسلاخ من الفضيلة.
إن الذي ينبغي الوقوف عليه في هذا المسلسل ونظيره المسلسل الآخر "سنوات الضياع" ( وهو على اسمه ) عدة أمور أجملها في التالي :
1- أن هذه المسلسلات تطل علينا هذه الكرة من جهة "تركيا" التي كانت ولا زالت تحتضن عاصمة آخر خلافة إسلامية وهي التي تقبع هذه الأيام تحت وطأة جند بني علمان.
ولعله من المخططات التي ظهرت على أرض الواقع أعني: المخططات العمليّة لإفساد الشعوب فإن الجنس والشهوة كما هو معلوم "أفيون الشعوب" .
2- أن هذه المسلسلات تأتي في أعقاب الدمار الذي حل ببلاد "لبنان" مما جعل سياح بلاد الخليج يصرفون النظر عنها.
وفي هذه الأثناء أطلت علينا هذه المسلسلات الوقحة برأسها لتجذب السيّاح والسذّج من البطالين، وهو ما حصل حيث ارتفعت نسبة السياح السعوديين في تركيا هذه الصيف إلى ما نسبته 70 % عن السنوات الماضية . على ما أشارت بعض الإحصائيات .
3- تخرج هذه المسلسلات في نفس الوقت الذي تشتعل فيه لهيب الحرب الباردة في تركيا ؛ بين العلمانيين والإسلاميين حول أمور عدة والتي من أشهرها: قضية المرأة والحجاب.. وغيرها من القضايا الشائكة.
أقول: ولعل لهذه المسلسلات أن تكون رائد القوم – أعني بني علمان – للرمي بسمعة نساء تركيا وشبابها إلى الحضيض‘ وهم الذين كانوا ما زالوا فيهم ومنهم : العلماء والأدباء والمفكرين الذين خدموا الإسلام ونفع الله بهم أمتهم.
4- وأخيراً.. وهو ما أثار دهشتي واستغرابي هو ما تتداوله الأوساط المحلية من أخبار طلاق ومشكلات عائلية كانت بسبب أحداث ومجريات هذا المسلسل حيث بلغ نسبة المواليد الإناث الذين تسموا بـ "نور" ( 500 مولودة ) .
أما عدد المواليد الذكور الذين تسموا بـ "مهند" فقد بلغ ( 300 مولود ) [ وذين الاسمين هما اسمي نجوم هذا المسلسل – زعموا - ].
هذا بخلاف من قاموا بتغيير أسمائهم إلى : نور – مهند .
كل هذا يقودنا – أيها الأكارم – إلى ما أسلفت من سطحية التفكير عند هذه الفئة المتأثرة بهذه المسلسلات وسذاجة النظرة التي ينظرون بها.
- في الختام : هذه همسة أهمس بها إلى كل من يقرأ هذه الأسطر فأقول :
أيها المفضال: إن ديننا وقيمنا ومبادئنا مستهدفة من قبل أعدائنا الداخليين والخارجيين فهم يعملون على قدم وساق لتقويص أركانها وهدم بنيانها وهي كنزنا وذخرنا وملجأنا بعد الله تعالى فلنحسن الاستمساك بها ورعايتها بما تستحق.
كتبه:
أبو عبدالرحمن ؛ محمد بن عبدالله البقمي .
مواقع النشر (المفضلة)